إعداد إمكانية الوصول

خيارات الألوان

لون أحادي لون باهت مظلم

أدوات القراءة

عزل حاكم

التحقق من الوعود: وعود الرئيس الإيراني حسن روحاني تم تتبعها عبر موقع تقصي حقائق في كندا. الصورة مأخوذة عن وكالة تسنيم الإيرانية الرسمية

القصص

مواضيع

كيف يمكن تحري الحقائق السياسية في بلدان لا تتمتع بحرية الصحافة

إقرأ هذه المقال في

English

التحقق من الوعود: وعود الرئيس الإيراني حسن روحاني اثناء الانتخابات، تم تتبعها عبر موقع تقصي .حقائق في كندا. الصورة مأخوذة عن وكالة تسنيم الإيرانية الرسمية

كتب : دانيال فونكيه، 30 مايو 2018م

تورنتو – عندما يتحدث فرهاد سوزانشي عن تحري الحقائق تتبدل تعابير وجهه بين الجمود والإبتسامة العريضة. ولكن قبل أسبوعين، كانت الإبتسامة لا تفارق وجهه.

في قاعة احتفالات بفندق في تورونتو، أجرى سوزانشي – الذي يستخدم اسما مستعارا لحماية هويته – نقاشا حول التضليل خلال احتجاجات ديسمبر ويناير التي اجتاحت كافة أنحاء إيران. وقام بعرض نسخة تجريبية من برنامج دردشة جديد لتحري الحقائق والذي ابتكره لصالح شركة تيليغرام، وهو تطبيق مراسلة يتمتع بشعبية كبيرة تم حظره مؤخرًا في إيران. كان سوزانشي عندها في أروع حالاته.

قال سوزانشي لبوينتر عن تحري الحقائق “إنها أحدى تلك الأشياء التي لم أكن أعلم أنني كنت متحمسا لها، ولكنني كنت كذلك بالفعل”، “عندما كنت في إيران كنت مزعجا نوعا ما بين أصدقائي عبر بحثي البسيط المستمر على شبكة جوجل.”

“هل رأيت الميمي الذي يقول: “مهلا، تعال إلى السرير” والشخصية هي لشخص ما على الإنترنت؟، هذا كان انا.”

اجتمع حوالي100 شخص من منظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام وشركات التكنولوجيا في “حوار إيران الالكتروني” الذي عقد يومي 14 و15مايو لمناقشة كيفية التعامل مع الرقابة الحكومية والتصدي للعقبات الجيوسياسية مثل الاتفاق النووي الإيراني. في الماضي، ساعد “حوار ايران الالكتروني” في إلهام  ASL19، وهي منظمة حقوق رقمية تستضيف الحدث، لإنشاء مشاريع خاصة بها للتدقيق والتحرير في الحقائق بعد أن  استفادت من تجارب متحري حقائق صحيفة “واشنطن بوست” و”مرسي ميتر“.

“من الواضح أن هذا ساعدنا كثيرا على تطوير مشاريعنا الخاصة من خلال الاطلاع علي اعمالهم”، وقال سوزانشي، وهو مدير أبحاث في  ASL19، “حينما أدركنا أنه بإمكاننا نحن أيضا القيام بتحري الحقائق.”

عندما مرت واجهة دفتر ملاحظات المشاركين في “حوار ايران الالكتروني” يمكنك ان تقرأ: “هناك دائمًا طريقة.”

تحري حقائق أصحاب السلطة الديكتاتوريين

حقيقة أن شخص ما قد تمكن من تحري حقيقة السياسات الإيرانية بشكل كامل لهو أمر مثير للدهشة.

تستضيف منظمة ASL19  “فاكت- نامه” و”روحاني ميتر” – وهذا الأخير يراقب كيفية تعامل الرئيس الإيراني حسن روحاني مع وعوده الانتخابية، في حين أن متحري البيانات والحقائق الآخر يكشف عن سخرية وكم الزيف والخداع في هذه الوعود. منذ إطلاق “روحاني ميتر” في عام 2013 ، تعلم سوزانشي الكثير عن كيفية تحري الحقائق عن النظام القمعي.

فيما يتعلق بالمبتدئين، فإن التمركز في تورنتو بدلاً من طهران – حيث  لا توجد حرية للصحافة بحسب تقريب فريدوم هاوس – سوف يساعد نوعا ما .

يقول : “يمكن أن يصبح الأمر خطيرا. في إيران، إثبات خطأ تصريح أدلى به القائد لا يشبه التحقق من صحة تصريح للرئيس الأمريكي- بل إنه أمر مختلف تمامًا”. “لا يمكننا فعل ذلك إذا كنا داخل البلاد، لا يمكننا التعامل مع وعود وقضايا معينة بسهولة بالطريقة التي نقوم بها هنا إذا كنا داخل إيران، سيكون علينا أن نحترس من الخطوط الحمراء أو ان نواجه رد فعل قاس من الحكومة “.

صورة من Rouhanimeter.com

 

إن اساليب وتقنيات تحري الحقائق عن نظام ما من خارج حدوده – نفذه كل من “فاكت- نامه” و”روحاني ميتر“، اللذين لا يزالان غير محظورين في إيران على الرغم من رصد ادعاءات كاذبة ووعود لم يتم تحقيقها من الرئيس روحاني والقائد الأعلى علي خامنئي – قد يكونان مفتاحين لتحري الحقائق على الارض في أنظمة قمعية أخرى في جميع أنحاء العالم، حيث إما أن تكون قد فشلت في جمع البيانات وترتيبها أو لم يتم تقديمها في الأصل.

وفقًا لمختبر المراسلين، فإنه من اجمالي ما يقرب من 150 مشروعًا لتحري الحقائق حول العالم، لا تعمل اي منها حاليًا في روسيا، حيث تسيطر الحكومة علانية على وسائل الإعلام الرئيسية، وكوريا الشمالية كذلك، حيث لا توجد صحافة حرة. وفي الصين، حيث يغطي أحد مشاريع تحري الحقائق معلومات صحية خاطئة ويتجنب السياسة كليا – وهو موضوع محظور في بلد حيث الرقابة هي القاعدة.

وقال روبرت ماهوني، نائب المدير التنفيذي للجنة حماية الصحفيين، في رسالة بريد إلكتروني إلى بوينتر: “الوصول إلى المعلومات العامة أمر مستحيل في الغالب بالنسبة للمراسل، وبالتالي فإن تحري الحقائق في السياسة موضع نقاش”، “إن السلطة في الدول الاستبدادية تدور حول السيطرة على المعلومات، والالتفاف حول تلك السيطرة يشكل تحديًا كبيرًا للصحافة المستقلة”

مصادر بديلة وآساليب خاصة

إذن كيف يمكن أن يحقق متحري الحقائق تقدما ما؟ بصرف النظر عن كونهم يقعون خارج الأنظمة نفسها، ويقول سوزانشي أنه ينبغي عليهم التفكير في طرق بديلة للتمويل والتوزيع.

“الشيء الوحيد الذي فعلناه هو مطالبة الناس بالمشاركة واقتراح مواضيع لنا، هذا شيء قمنا به وتم استقباله بشكل جيد “، يقول: “إنهم دائمًا ما يقترحون أشياء لنا لنقوم بالتحقق منها “.

خطة عمل: يعتمد موقع (فاكت نامه) على تطبيق تلغرام للوصول الى الجمهور في أيران. الصورة مأخوذة من الموقع

 

على الرغم من أنها لا تزال محجوبة داخل إيران ، إلا أن تيليغرام لا يزال جزءًا رئيسيًا من استراتيجية فاكت- نامه للتمويل والتوزيع. وبنفس الطريقة التي يعتمد بها متحري الحقائق في جميع أنحاء العالم على المستخدمين كي يرسلوا لهم خدعًا فيروسية من مجموعات واتس آب وتوزيع نتائج تحري الحقائق الخاصة بهم ، يقول سوزانشي أن فاكت- نامه قد اعتمدت على تيليغرام كأداة رئيسية للوصول إلى جمهورها في إيران – حيث يتم حظر البرامج الإعلامية المعروفة والمستخدمة علي نطاق واسع في العالم مثل فيسبوك وانستجرام بشكل مستمر.

مع ذلك، قد يكون من الصعب العثور على جمهور. أخبر إرشاد علياني، الصحفي الإيراني في فرنسا 24، بوينتر في رسالة بالبريد الإلكتروني انه وعلى الرغم من تحقيق مواقع ASL19 لتحري الحقائق نجاحًا أكبر من معظم المواقع الأخرى، إلا أنها لا تزال محدودة في انتشارها واستخدامها بين الإيرانيين.

“إن تحري الحقيقة لايزال منتجا خياليا في إيران – ربما مثل اي مكان اخر في العالم – لذا فإن تأثيرها يقتصر على شريحة صغيرة جدا من المجتمع: المتعلمة، المطلعة بشكل جيد والشغوفة بالحقائق، “على الرغم من الاحتراف الذي يتمتع به فاكت- نامه أو روحاني ميتير أو العاملين في هذا المجال، إلا أن تأثير تحري الحقائق لسوء الحظ محدود للغاية في إيران “.

قارن “علياني” بين متابعي وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة بـفاكت- نامه أكثر من 4000 على تويتر وأكثر من 6000 على تيليغرام وعدد هائل لمتابعي الحسابات التي تنشر أخبارًا مزيفة بشكل منتظم، وبسبب عدم قدرة متحري الحقائق على القياس، فهو يقول إنه عادة ما يرى قصصًا مزيفة تنتشر في مجموعات تيليغرام تتراوح بين مئات الآلاف من الأعضاء إلى مجموعات صغيرة تتألف من عائلته وأصدقائه.

الشفافية هي الحل

العين الساهرة : هناك موقعان لتقصى الحقائق لمراقبة الدقة في تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أوردوغان. المصدر: فيلكر

في هذه الأثناء، في تركيا التي بحسب  فريدوم هاوس أيضا إنها لا تتمتع بحرية الصحافة – ظهرت منظمتان لتحري الحقائق. قام كل من تييت و دوغرولوك باي بتغطية أخبار النظام بإصرار وعناد، وراقبا دقة تصريحات الرئيس رجب طيب أردوغان في بلد تقول لجنة حماية الصحفيين بها أن عدد الصحفيين في السجون أكثر من أي مكان آخر في العالم.

إذن ما هو سرهم؟ يقول بيبرس أورسك إن الأمر كله يعود إلى الشفافية.

” تركيا لم تكن أبدا بيئة ملائمة وصديقة للصحافة بشكل عام، والجو السياسي الحالي في البلاد على مستوى عال من حيث التحديات التي يمر بها ويعاني منها الصحفيين”، وقال مؤسس “دوجرولوك باي”  في رسالة الى بوينتر: “يتم إرسال جميع فحوصاتنا تلقائيًا إلى جميع الجهات الفاعلة وممثلي السياسة في البلاد، بغض النظر عما يشير اليه قياس الأداء لدينا، وقد مكننا وجود هذا النوع من استراتيجية الاتصالات الاستباقية من الحصول على المساحة التي نحتاجها تمامًا “.

وافقته الرأي غولين تشافوش، الصحفية في تييت (وزميلة الشبكة الدولية لتحري الحقائق لعام 2017م)، وقد أخبرت بوينتر في رسالة لها بأن نصيحتها لمتحري الحقائق عندما تكون منهجيتها الشفافة غير كافية هو ان يضعوا في اعتبارهم الرقابة الذاتية حتى يتمكنوا من الاستمرار في العمل.

تقول : ” البقاء على قيد الحياة والنجاة هي الاستراتيجية الأكثر أهمية من أجل عدم المخاطرة بانفسكم ومنظمتكم، قد يكون من الأفضل تأجيل بعض المشاريع والموضوعات التي ترغب في القيام بها، لكن عليك بالأخذ بعين الاعتبار بعض الخطورة إلى وقت قد تكون فيه الصحافة أكثر ديمقراطية وحرية”.

وعلى الرغم من تحدياتهم المختلفة، فقد تمكن كل من متحري الحقائق الأتراك ومنظمة ASL19 على الأقل من تبني مشاريع تحري حقائق على الأرض، هذا  شيء صعب في الصين – الأمن الوظيفي والمراقبة والتحرش والمضايقة والدعاوى القضائية والاعتقالات كلها حواجز ضخمة للصحفيين هناك.

ويقول ماساتو كاجيموتو، وهو أستاذ مساعد في مركز الصحافة والدراسات الإعلامية في جامعة هونغ كونغ في رسالة بريد إلكتروني إلى بوينتر “يجب أن نضع في اعتبارنا أن السياسيين في الصين لا يتم انتخابهم من خلال عملية ديمقراطية كاملة ، ايضا، يتطلب تحري الوعود المراقبة والمحاسبة بسجلات موثقة وبيانات جديرة بالثقة، والتي لا توجد في الصين في مناطق كثيرة”.

التعلم من مشاريع أخرى

اطلق في زيمبابوي في مارس ٢٠١٨ موقع زيم فاكت.اورغ لتقصي الحقائق والتدقيق في ادعاءات السياسين

واقع منظمة ASL19  لتدقيق وتحري الحقائق ليست الأولى أو الأخيرة في تغطية أخبار الأنظمة القمعية

في زيمبابوي، بلدٌ آخر تقول مؤسسة فريدوم هاوس أنه لا يتمتع بحرية الصحافة، أُطلقت زيم فاكت في مارس بدعم من معهد فوجو السويدي لوسائل الإعلام في جامعة لينيوس مشروعا يهدف إلى التدقيق في صحة المزاعم السياسية، كما ذكرت بوينتر في وقت سابق أنه مهتم بالرقابة الحكومية. كان الموقع لا يزال نشطًا حتى وقت النشر – وقد يرجع ذلك إلى حقيقة أن حكومة زيمبابوي في حالة تغيير مستمر.

وقالت جين موجاتي، مديرة برنامج فوجو في زيمبابوي، في رسالة بريد إلكتروني إلى بوينتر: “الإدارة الجديدة مازالت تعرض موقف زيمبابوي كدولة مُنفتحة علي الأعمال التجارية ” حتى الآن، كان المَناخ العام مُرحباً بفكرة مشروع التدقيق في الحقائق، وبالتالي يتم إستخدام القصص من المنصة في كل من المنشورات المطبوعة وعبر الإنترنت”

وغير منغمسة  في العديد من الأنظمة الإستبدادية، تُعد زيم فاكت أمراً نادراً. طبقاً لقاعدة بيانات المختبرات الصحفية تُعد مُنظمة (أفريكا تشيك) منظمة التحقق  الوحيدة الأخرى في المنطقة ولسبب وجيه.  

وقال المدير التنفيذي بيتر كونليف- جونز لبوينتر: “هناك العديد من الأماكن في أفريقيا، حيث أعتقد أنه سيكون من الصعب جداً، إن لم يكن مُستحيلاً، أن يعمل  مدققو الحقائق فيها”. “إريتريا ، إثيوبيا ، حتى بلدان مثل رواندا التي إذا نظرت مثلاً إلى سجل لجنة حماية الصحفيين فيها لوجدته سجلاً ضعيفاً للغاية عن حرية الإعلام.”

ويتجلى ذلك في الحواجز التي لا تعد ولا تحصى أمام دخول مُدققي الحقائق المُحتملين، مثل مثل اشتراط التسجيل مع الحكومة والحجز المحتمل والإعتقال لنشر المحتوى السياسي عبر الإنترنت. في تنزانيا، الحكومة  تقترب من تجاوز ما يُقارب ۹۲۰ دولارًا رسوماً للمُدونين – في دولة ذات دخل فردي إعتباري أقل من ۹۰۰ دولار.ومع ذلك، من الممكن أن تحدث إختراقات.

موقع (مرسي ميتر) لمراقبة أداء الرئيس المصري محمد مرسي في ال ١٠٠ يوم الأولى له في المنصب. المصدر مرسي ميتر

في عام 2012 ، تم اطلاق مُرسي ميتر وسط الربيع العربي  من أجل إبقاء الرئيس المصري المنتخب حديثًاً آنذاك مُحمد مُرسي مسؤولاً عن وعوده.  وكان ذلك المقياس مُستوحى من مقياس أوباما للحقائق السياسية، نفذ المشروع  بدعم من مجموعة زاباتاك وهي الآن مجموعة غير ربحية غير فاعلة تهدف إلى تخليص مصر من الفساد.

لكن إكتشاف وسائل التوزيع والتغطية ليس كافياً لضمان نجاح مُدقق الحقائق في نظام مثل مصر، والذي تقول مؤسسة فريدوم هاوس أيضاً إنه لا يتمتع بحرية الصحافة. يجب أن يأتي في الوقت المناسب.

وقال عباس عادل، مؤسس مقياس مُرسي، في رسالة إلكترونية إلى بوينتر: ” أن شيئاً مثل هذا الأمر في الشرق الأوسط خطيرٌ للغاية. لقد خاطرنا وكنا مجهولين في البداية ولكن في نهاية الأمر، وسائل الإعلام والإهتمام العام أعطونا القدرة على تحدي الرئيس علانية”

وقال عادل “بمجرد حدوث ذلك، عمل المشروع بسلاسة إلى حدٍ ما خلال أول 100 يوم لمُرسي في منصبه – على الرغم من الهجمات الحزبية من المنابر الإعلامية الأخرى والإدعاءات أن مقياس مُرسي تم تمويله من قبل مسؤولي الإستخبارات الأجانب”.

وقال عمرو صبحي، وهو ناشط إعلامي مصري عمل على مشروع ” مقياس مُرسي ” في بريد إلكتروني إلى “بوينتر”: “لقد نجح الأمر بشكل جيد، لأن التوقيت كان صحيحاً “. “حظي الموقع الإلكتروني بإستقبال جيد من قبل جميع وسائل الإعلام المحلية وساعد وسائل الإعلام التقليدية على التركيز على مهمة أول 100 يوم. كما تعاملت الرئاسة في ذلك الوقت مع الموقع على أنه جهد إلكتروني قانوني للمُحاسبة”.

إنتهى المشروع بعد أول 100 يوم من عهد مُرسي ولم يحدث أي تدقيق للحقائق منذ ذلك الحين. لكن هُناك مشاريع أخرى للتدقيق في الحقائق كانت محظوظة لتبدأ في البلدان الإستبدادية – وقد يكون لديها الكثير لتفعله مع  النظام نفسه و تأثيره على الجمهور المُحتمل.

في عام 2015م، أطلق أليكسي كوفاليف موقعاً للتدقيق في الحقائق يدعى نودل ريموفر، عملاً بالتعبير الروسي الذي يشبه الكذب بوضع شرائط المعكرونة في أذن شخص ما.  لكنه إستسلم بعد فترة بسبب عدم الاهتمام. وحصل أكثر تقاريره لكشف الزيف شهرة على نحو 150 ألف مشاهدة  لصفحته في بلد لديها ما يقرُب من 90 مليون مُستخدم للإنترنت ، وقال إنه لا يرى أن تدقيقاته  في الحقائق لها أي تأثير ملحوظ.

قال كوفاليف لبوينتر “لكي أكون صادقاً، ليس لدي أي وقت أو أي رغبة لمواصلة ذلك” ، وهو الآن مدير تحرير كودا ستوري، ” لقد كنت أتحدث مع مجموعة صغيرة من الجمهور كانت على دراية كافية لمعرفة أن مُعظم الأخبار التي يتداولونها مُرتبطة بالدولة”

.”على الرغم من أن بعض مقالاتي التي نشرتها في مشروعي تلقت عشرات الآلاف من المشاهداتُ، إلا أنها لم تؤثر على الخطاب إلا قليلاً. فإذا كان هناك أي شيء، فهناك المزيد من التلاعب والأخبار المُزيفة في وسائل الإعلام الروسية في الوقت الحالي”.

يمكن أن يكون عبير دعاية الدولة في روسيا متناقضاً مع الأميركيين. لكن بالنسبة  للروس، من الشائع أن يكون كوفاليف قد قال إن الروس يقتربون من أي نوع من وسائل الإعلام بجرعة صحية من الشكوك التي تُحمل حتى لأكثر المنافذ الإخبارية موضوعية.

ومع وضع ذلك في الإعتبار، قال كوفاليف “أن هناك حاجة ماسة لمزيد من التدقيق في الحقائق لفرز ما هو مُزيف”.

وقد حاولت المنظمات خارج البلاد مثل راديو أوروبا الحرة / راديو الحرية أن تُجرب نفسها في فضح الزيف. ولكن من الصعب أن يقتنع الروس بما تُقدمه وسائل الإعلام الأجنبية. تقوم بعض المشاريع المحلية بخطوات صغيرة، مثل ذا إنسايدر، وهو موقع إخباري إستقصائي ينشر قسما مخصصا لكشف الزيف أسبوعياً. قال كوفاليف أن المشروع مازال يناضل من أجل الحفاظ على جمهور يحتاج إلى فحص الحقيقة في المقام الأول.

وقال: “لا شيء يقترب من أن يُصبح سلطة واحدة يثق بها الجميع، ولهذا أعتقد أن التدقيق في الحقائق مُسيّس بدرجة كبيرة”. لا يوجد صحفي واحد يثق به الجميع في روسيا، من جميع الأطراف”.

التحديات المستمرة

في حين أن بعض الإستراتيجيات لفحص الأنظمة القمعية يمكن أن تكون هي الفرق بين النشر والرقابة، إلا أنها يمكن أن تسبب أيضاً صداعا لمُدققي الحقائق.

وقال سوزانشي إن حقيقة  أن مقره في تورنتو هو سبب رئيسي يجعله قادراً على التدقيق في  حقيقة الحكومة الإيرانية، إلا أنه يجعل بعض القراء يشككون في مصداقيته. بالنسبة إليهم موقعه أمرٌ مُهم.

“لا نعرف ماذا يجري لأننا لا نُقيم في إيران أو نحن وكلاء أجانب فقط. قد لا يقول الناس ذلك، لكن ذلك الأمر يُشكل دائماً عقبة بالنسبة إلينا”، على حد قوله. “نحاول التغلب على هذا الأمر بأن نبقى مُنفتحين على مصادرنا وأن نكون مستقيمين في جدالاتنا بحيث ترى ذلك بنفسك”

في حالة روسيا، أن يكون هناك مشروع محلي للتدقيق في الحقائق ليس فقط أمراً مُفضلاً- بل قد يكون أمراً أساسياً لتحقيق النجاح. وقال كوفاليف أن أي منظمة مستقبلية للتدقيق في الحقائق يجب أن تكون موجودة داخل البلد من أجل الحصول على موافقة الجمهور المُحتمل.

وقال: “حتى في شريحة السكان ذات التفكير السياسي، هناك عدم ثقة في الأجانب الذين يقولون لنا ما هو الخبر المزيف وما هو الحقيقي”. “لا أعتقد أن هناك أي مجال لعمليات التحقق (الأجنبية) في روسيا. لماذا يثق الروس بالأجانب الذين يُخبرونهم عما هو حقيقي وما هو غير ذلك؟

في هذه الأثناء، في الصين، قال كاجيموتو إن الإستراتيجية الوحيدة القابلة للتطبيق التي يمكن أن يتخيلها من أجل التدقيق في الحقائق السياسية هي إنشاء منظمة تعمل من خارج البلاد. ولكن حتى هذا النهج فيه عيوب.

وقال: “لا أعتقد أن التدقيق المستقل في الحقائق السياسية ممكنا داخل الصين”. قد تتمثل إحدى الإستراتيجيات في إنشاء منظمة في بلد أجنبي، ولكن من المحتمل حينها أن يتم حظرها بالجدار الناري القوي وبهذه الطريقة لن تتمكن من الوصول إلى الناس في الصين”.

عندما يتمكن مُدقق الحقائق من البدء وخلق جمهور،  فإن الإرتداد قد يكون شديداً. وقال علياني إن تلقي النقد القاسي على وسائل التواصل الاجتماعي هو حقيقة في حياة مُدققي الحقائق الذين يغطون السياسة الإيرانية.

وقال “أن مُدققي الحقائق يتعرضون لهجوم من قبل المتطرفين على كلا الجانبين – مؤيدي النظام وجماعات المعارضة. وقد كنت ضحية لهذه الهجمات أيضا. لقد سمعت من بعض الزملاء أنهم قد تخلوا عن مقالة للتدقيق في الحقائق لأنهم لم يرغبوا في أن يصبحوا هدفا لهذه الهجمات ويتدفقون على وسائل التواصل الاجتماعي”.

قال سوزانشي، أنه بعد إطلاق مقياس روحاني، تم حجب الموقع بسرعة من قبل الحكومة وكان على القراء إستخدام شبكات افتراضية خاصة (VPN) للوصول إليه – والتي أصبحت أداة التحايل الحقيقية اليومية للإيرانيين الذين يريدون الوصول إلى الإنترنت غير الخاضع للرقابة.

وأضاف: “ثم ظهرت بعض المقالات، خاصة من بعض الجماعات المتشددة، المتشددون المحافظون تحديدا، والذين يتحدثون عن كيف أننا أصبحنا دمى لوكالة الإستخبارات  المركزية و أشياء من هذا القبيل”. كان هذا هو أول رد فعل من الحكومة”.

ومنذ ذلك الحين، تم إلغاء الحظر عن مقياس روحاني وإضافة ميزات جديدة إلى موقعه كل بضعة أشهر تقريبًا. ووفقًا لسوزانشي، “كان مؤثراً”.

في السنوات القليلة الماضية، كان هناك تركيز أكبرعلى وعود روحاني من جانبي الطيف السياسي الإيراني الأمر الذي لم يكن موجوداً قبل مقياس روحاني . خلال السنة الإنتخابية الماضية، قال سوزانشي إنه رأى أشخاصا يستشهدون بمتعقب الوعود على وسائل التواصل الاجتماعي.  حتى حساب روحاني الشخصي على تويتر غرّد مرة متحدثاً عن أحد الوعود التي قيّمها مقياس روحاني، مُستخدماُ لغته الخاصة في العملية.

وقال ” هذه الأشياء الصغيرة هي علامات على ما نراه، وحقيقة أنه يتحدث بإستمرار عن أنه لم ينس وعوده – تكرار التأكيد على الوفاء بالوعود لم ينته، أعتقد أن مقياس روحاني لعب دوراً في هذا الأمر عن طريق تواجده في كل المُحادثات عن أفعال الحكومة”. حتى الطغاة يفهمون قوة التدقيق في الحقائق.

تصحيح:  أشارت نسخة سابقة من هذا المقال الى أن مقياس روحاني وفاكت- نامه تم حظرهما في إيران، وفي الحقيقة أن مقياس روحاني لم يتم التوصل إليه بعد فترة قصيرة من إطلاقه.


ظهر هذا المقال لأول مرة على موقع بوينتر. اورغ. وتم اعادة نشره بعد الحصول على إذن.

دانيال فونكيه يغطي التدقيق في الحقائق والمعلومات المُضللة عبر الإنترنت والأخبار المزيفة للشبكة الدولية للتدقيق في الحقائق  معهد بوينتر.

إعادة نشر مقالتنا عبر الانترنت أوطباعة تحت رخصة النشاط الابداعي

إعادة نشر هذا المقال


Material from GIJN’s website is generally available for republication under a Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International license. Images usually are published under a different license, so we advise you to use alternatives or contact us regarding permission. Here are our full terms for republication. You must credit the author, link to the original story, and name GIJN as the first publisher. For any queries or to send us a courtesy republication note, write to hello@gijn.org.

إقرأ التالي

ورقة نصائح الأمن والأمان نصائح وأدوات

كيف يمكن للصّحفيين أن يعتنوا بأنفسهم عند التّحقيق في الصور القاسية للحرب والصراع

يواجه خبراء المصادر المفتوحة كمًا هائلاً من الصّور القاسية. فكيف يمكن للصّحفيين حماية أنفسهم من الأذى الناجم عن مشاهدة الصّور الصّادمة باستمرار؟
التّحقيقات مفتوحةُ المصدرِ التي كانت في السابق محصورةً بمواقع متخصّصة مثل Bellingcat، دخلت عالم الصحافة السائدة، مدفوعة بالحاجة إلى التحقُّق على الفور من كميات كبيرة من الصور ومقاطع الفيديو والادّعاءات. بات لدى وسائل الإعلام الكبيرة مثل بي بي سي ونيويورك تايمز فرق مخصصة للتّحقيقات البصريّة، وتزايدت أهمية عملها في سياق حرب المعلومات.

العثور على سجلات أمريكية لمتابعة التّحقيقات العابرة للحدود

دليل لبعض مصادر البيانات الحكوميّة الأمريكيّة التي يمكن أن تساعد الصّحفيين الأجانب والأمريكيين في تغطية الحروب الأمريكيّة ومبيعات الأسلحة وتأثير السياسة الخارجيّة الأمريكيّة.