مفاهيم مركزية
تنتشر العمالة القسرية والاتجار بالبشر والهجرة غير الموثقة في جميع أنحاء العالم. في دول مجلس التعاون الخليجي (GCC) ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA) تسهل قوانين العمل والهجرة الخاصة والمشتركة العمالة القسرية والاتجار بالبشر. في هذا القسم سيتم التطرق لأهم التعريفات الأساسية لمفاهيم دارجة في تلك القضايا.
التعريفات
العمالة القسرية: وتشمل جميع الأعمال أو الخدمات التي يتم فرضها عنوة على الشخص بالتهديد أو الإكراه، ولا يقوم بها بإرادته الحرة. التهديد يشمل عقوبات مثل الاعتقال أو السجن، رفض سداد الأجور، منع العامل من السفر بحرية، مصادرة مستندات إثبات هويته أو اقتطاع جزء من راتبه كجزء من سداد قرض. جدير بالذكر أن تضليل العامل فيما يخص طبيعة العمل يعد من الأمور المصنفة في بند العمل بالإكراه.
العمالة الجنسية القسرية: العمالة والخدمات القسرية المفروضة، وقد تكون من قبل أشخاص فرديين أو جماعات أو شركات مختصه بالجنس التجاري.
استعباد المدين: العمل والخدمات مقابل سداد الديون. وكثيرًا ما يواجه العمال المهاجرون أعباءً كثيرة للعثور على فرصة عمل في الخارج، بالإضافة إلى أن مرتباتهم تستخدم في سداد ديونهم ما يقلص قدرتهم على رفض هذا العمل، هذا النوع من الاستعباد يكون أحيانا بمشاركة مباشرة من رب العمل التابعين له. يُعتبر استعباد المدين العامل الأهم في الاسترقاق الحديث.
الاسترقاق الجديد: جدير بالذكر أن مصطلح “الاسترقاق الحديث” ليس مفهومًا معرفًا في القانون الدولي، بالرغم من استخدامه مرتبط في العادة بوصف العمالة القسرية، وأصبح مرتبطًا بالسلاسل المغذية للعمالة. لكن في آخر تقييم عالمي بخصوص الاسترقاق الحديث تم ضم الزيجات القسرية تحت هذا المصطلح.
الهجرة/المهاجرون (غير الشرعية/ غير الشرعيين) – الهجرة التي تتم خارج المعايير التنظيمية الخاصة بالبلدان المرسلة، وبلدان العبور والاستقبال.. قد يتضمن المهاجرون “غير الشرعيين” أولئك الذين يدخلون البلاد بانتظام إلا أن إقامتهم أصبحت غير سارية المفعول لأي سبب من الأسباب.
كثيرًا ما يقوم العمال بتوقيع عقد مع وكيل توظيف في بلدهم يختلف عن العقد الذي يوقعونه في بلد الوجهة
الاتجار بالبشر: توظيف أو نقل أو إيواء أو استقبال أشخاص إما على الحدود الدولية (في الغالب) أو داخل حدود البلد الواحدة، بغرض الاستغلال. وقد يتضمن التهديد باستخدام القوة أو الخداع أو الاختطاف أو إساءة استخدام السلطة أو غيرها من أشكال القسر. والهدف من الاتجار بالبشر هو الاستغلال، الذي قد يتضمن استغلال الآخرين في أعمال الدعارة أو العمالة القسرية أو العبودية أو الاسترقاق.
أسباب رئيسية للاتجار بالبشر
– نقص المعلومات عن فرص الهجرة الآمنة وعن مخاطر الاتجار لدى المهاجرين المحتملين؛
– زيادة عوائق الهجرة القانونية (مثل، حظر العمالة من بلد المنشأ أو الوجهة)؛
– ازدياد الطلب على الخدمات الجنسية أو العمالة الرخيصة؛
– الضعف وترتبط في العادة بالتمييز أو حالة العامل المهاجر غير المنتظمة؛
ظواهر بارزة منتشرة في الشرق الأوسط
تبديل العقد
كثيرًا ما يقوم العمال بتوقيع عقد مع وكيل توظيف في بلدهم يختلف عن العقد الذي يوقعونه في بلد الوجهة. على الرغم من أن العديد من البلدان اتخذت خطوات جادة لمعالجة هذه الممارسة الشائعة، لكن التحايل على اللوائح من قبل الوكالات مازال مستمراً إلى الآن. وقد يقوم العمال بتوقيع عقود مقابل أجور أقل من المتوقع أو قد يُرغمون على العمل لساعات أطول أو قد يعملون في منصب مختلف تمامًا. احتمالية حدوث تبديل في العقد تكون أكبر في حالة الهجرة غير الشرعية.
تبديل العقد يندرج تحت قائمة ممارسات التوظيف الاحتيالية، حيث يقوم الوسطاء أو وكلاء التوظيف بخداع العمال المهاجرين بأحلام الثراء الذي سيحققونه في الخليج بالرواتب الواعدة وبيئة العمل الممتازة والتي تكون بعيدة كل البعد عن الواقع الذي سيواجهه العمال في حالة سفرهم.
رسوم التوظيف المفرطة
بالرغم من أن أصحاب العمل مطالبون بموجب القوانين المفروضة في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي بسداد جميع رسوم التوظيف (بما في ذلك تذاكر رحلات الطيران) إلا أن العمال المهاجرين يقومون في الغالب بسداد رسوم التوظيف الخاصة بهم في بلد المنشأ. وقد تكون هذه الرسوم مرتفعة بشكل مفرط لدرجة أن العمال يقترضون لسدادها، أو يستدينون لموَرٍّد العمال. وقد يقوم أصحاب العمل كذلك بخصم الرسوم التي قاموا بتسديدها لموردي العمال من رواتب العمال، رغم أن هذه تبدو ممارسة أقل شيوعًا لا سيما أن ثلاث دول من دول الخليج قامت بتنفيذ أنظمة حماية الأجور لمراقبة رواتب العمال ضمن مستويات نجاح مختلفة.
الأجور غير المسددة
إن عدم سداد الأجور من الممارسات الأخرى الشائعة في دول مجلس التعاون الخليجي التي لم يتم التعامل معها بشكل تام، وذلك بتطبيق أنظمة حماية الأجور. ينتشر عدم سداد الأجور في قطاعات عدة، لكنه يطول أكثر ما يطول لدى عمال المنازل والعمال الزراعيين، وذلك يرجع إلى صعوبة التبليغ عن الإساءات أو الهرب من موقع العمل. الظاهرة موجودة أيضًا في شركات أكبر تتعرض للإفلاس أو تواجه مشاكل في التدفقات النقدية (مثال).
التأشيرة الحرة
“التأشيرة الحرة” هو مصطلح يصف الممارسة الشائعة لدى المهاجرين بالدفع للكفيل من أجل الحصول على إقامة سارية تمكن المهاجر من الالتحاق بأكثر من عمل. في الخليج يسمح للمهاجرين بالعمل لصاحب العمل الذي يكفلهم فقط إلا في حالات استثنائية (مثل أن يكون صاحب العمل مقاولًا مسجلًا يعمل في عدة مواقع). تمكن التأشيرة الحرة المهاجرين من جني أموال أكثر وهي تنتشر بين العاملين في المنازل والعمال.
لا يُعتبر المهاجرون العاملون بموجب “التأشيرة الحرة” ضحايا على الدوام؛ فالبعض يفضل التأشيرة الحرة لأنها تمنحه مرونة في اختيار الوظائف والمزيد من الكسب المحتمل. إلا أن التأشيرة الحرة قد تتحول إلى ميزة استغلالية إذا قام الكفيل أو أحد أصحاب العمل بالتهديد بتسليم العامل أو المطالبة برسوم أعلى أو رفض سداد الأجور المستحقة.
شراء وبيع عمال المنازل
يتعرض عمال المنازل على وجه التحديد للاتجار بالبشر، أو “تجارة الخدم”. وتأتي هذه التجارة في عدة أشكال؛ فقد يتاجر الوكلاء بعمال المنازل بين دول مجلس التعاون الخليجي، أو يحجزون وثائقهم أو يتركونهم غير موثقين. وكثيرًا ما يحدث ذلك عندما يقوم بلد المنشأ بوقف إرسال عمال المنازل إلى بلد محدد، إذ تصعب تلبية الطلب على عمال المنازل من خلال القنوات المنتظمة، فتزدهر السوق السوداء.
من الوارد أن تحدث “تجارة الخدم” أيضًا داخل نطاق الدولة وقد تطال الأشخاص ذوي التأشيرات ومستندات الإقامة السارية، فقد يختار أصحاب العمل “بيع” عمال منازلهم، أي الحصول على مبلغ مقابل تسليم كفالة العامل. وفي بعض الأحيان يكون ذلك الخيار الأسهل المتاح لرب العمل الذي لا يرغب في الرجوع لوكيل التوظيف وإحضار شخص جديد من الخارج.
الاتجار بالبشر والعمالة القسرية
عندما تنتشر هذه الممارسات على نطاق واسع، قد يتورط صاحب العمل “العادي” في الاتجار بالبشر دون أن يدرك ذلك. يتم تيسير هذه السلوكيات والأفعال، الراسخة جدًا، أو الموافقة عليها بموجب القانون. ونظرًا إلى تعدد الجهات الفاعلة المشتركة في هجرة العمالة، فمن الممكن قيام أحد الأطراف (وكيل التوظيف أو صاحب العمل) بالاتجار بالبشر دون علم الطرف الآخر.
توجد مبادرات لمكافحة الاتجار بالبشر في بعض هذه البلدان، إلا أنه لم تتم مواجهة المشكلة بالقدر الكافي والكامل حتى الآن. فغالبًا ما تركز مبادرات هذه الدول على الاتجار الجنسي فقط، مع إيلاء القليل من الاهتمام بالاتجار بالعمال. بالإضافة إلى هذا، من المرجح إثناء ضحايا الاتجار عن المضي قدمًا بسبب الخوف من السجن أو الترحيل. وغالبًا ما تقوم هذه الدول بتقليل عدد حوادث الاتجار في بلدانهم. ويقدم تقرير الولايات المتحدة عن الاتجار بالأشخاص تقييمًا موثوقًا عن الجهود التي تبذلها البلدان للتعامل مع هذه المشاكل.
المهاجرون غير الموثقين
كثيرًا ما يواجه المهاجرون أكثر من موقف من المواقف أعلاه، الأمر الذي يزيد ترك العمل صعوبة. الأشخاص الذين يختارون ترك بيئة العمل المسيئة وغير السعيدة يجدون صعوبة في العثور على ملاذ لتغيير أصحاب العمل بسبب قوانين الكفالة الصارمة والعوائق العملية لمواجهة أصحاب العمل في المحكمة. فالمهاجرون الذين يتركون عملهم دون الحصول على موافقة صاحب العمل يتم الإبلاغ عنهم بصفتهم عمالًا “هاربين” وغالبًا ما تصبح حالتهم حالة “مهاجر غير شرعي” على الفور. ويواجه العمال الراغبون في ترك عملهم صعوبة في العودة إلى الوطن؛ ففي قطر والسعودية، يجب على المهاجر الذي يرغب في مغادرة البلد الحصول على إذن من صاحب العمل الذي يتبعه من أجل تأشيرة الخروج. وفي بلدان أخرى، تمنع مصادرة جواز السفر العمال من المغادرة – حتى بالنسبة لعدد قليل من المهاجرين ذوي الدخل المنخفض الذين يمكنهم تحمل شراء تذكرة العودة إلى الوطن، أو الذين يمكنهم تحمل التخلي عن رسوم التوظيف المكلفة التي قاموا بسدادها للدخول إلى البلد.
نظام الكفالة
يختلف نظام الكفالة بين هذه البلدان، إلا أن العامل المشترك الوحيد في النظام هو التعداد الكبير للمهاجرين غير الموثقين. وبالرغم من أن السلطات الحكومية ووسائل الإعلام تشير غالبًا إلى المهاجرين الذين يفتقرون إلى مستندات الإقامة السارية بـ”غير قانوني”، إلا أنه مثار للجدل. تعتبر مؤسسات حقوقية أن التسمية غير إنسانية وتعمل على تغذية الصورة النمطية المتعلقة بالإجرام المتأصل لدى المهاجرين. كذلك المصطلح يعتم على إدانة أصحاب العمل واللوائح غير العادلة في الحالة غير الموثقة للمهاجرين، مشيرين إلى غياب مصطلح مثل “صاحب عمل غير قانوني” بالقياس، بالرغم من أن أفعال صاحب العمل في الغالب هي من تدفع العمال المهاجرين إلى الحالة غير الموثقة. وفي معظم الحالات، يمنع نظام الكفالة أو يضع عوائق خطيرة أمام تغيير العمال لأصحاب العمل والبقاء داخل البلد بشكل قانوني. يشكل هؤلاء العمال غير الموثقين والذين يعملون في الغالب في متاجر محلية وكعمال منازل مستقلين وكعمالة مكونًا هامًا للاقتصادات المحلية. وتقوم بلدان مجلس التعاون الخليجي بانتظام بتنفيذ حملات ضد العمال غير الموثقين، وتكتمل هذه الرحلات بترحيلهم. وتقوم هذه الدول في بعض الأحيان بمنح عفو للعمال غير الموثقين، مما يسمح لهم بالعودة إلى الوطن دون عقوبة بالتعاون مع سفاراتهم.
العفو يبرئ ذمة أصحاب العمل كذلك من المساءلة، حيث لا تبذل السلطات أي جهد لمعالجة أسباب الحالة غير المنتظمة للمهاجرين
إلا أن هذا العفو يبرئ ذمة أصحاب العمل كذلك من المساءلة، حيث لا تبذل السلطات أي جهد لمعالجة أسباب الحالة غير المنتظمة للمهاجرين. وغالبًا ما تتبع فترات العفو حملة أمنية مكثفة ضد العمال غير الموثقين، إلا أن القليل من التغيير في السياسة الهيكلية يشير إلى استمرار مشكلة الهجرة غير المنتظمة – وعدم الانتظام القسري تحديدًا.
توجد القليل من الإحصائيات الموثوقة المتعلقة بعدد العمال غير الموثقين في المنطقة. وقد تشير تقارير الشرطة أو وزارة الداخلية إلى عدد المهاجرين المرحلين خلال فترة زمنية محددة، لا سيما خلال فترات العفو. وتقوم السفارات والسلطات التابعة لبلد المنشأ في الغالب بتتبع المواطنين المرحلين.
المختصرات
IDP – الأشخاص المشردون في الداخل
ILO – منظمة العمل الدولية
IOM – منظمة الهجرة الدولية
UNGC – الاتفاق العالمي للأمم المتحدة
UN.GIFT – مبادرة الأمم المتحدة العالمية لمكافحة الاتجار بالبشر
UNODC – مكتب الأمم المتحدة المعنيّ بالمخدرات والجريمة