مشكلةُ المساعدات الدّولية للصّحافة
إقرأ هذه المقال في
كثيراً ما تبدو صفحاتُ الصّحفِ في البلدان الفقيرة أشبهَ بالموادّ الدعائيّة للمجموعات الإنمائيّة، أكثر من كونها صحفًا تتناولُ القضايا المهمّة التي تؤثّر على المجتمع. “اجتمع فريقٌ من الخبراء”، و”من المقرَّر إنشاء مستشفى”، و”تأسيس آبار جديدة”. بيانات صحفيّة تمّ نسخها ولصقها، بدون شرح السّياق، بدون الرّجوع إلى مصدرٍ ثانٍ، وبدون منظورٍ جديد. ولا يقدّم شرحًا للمواطنين الذين يريدون أن يفهموا حقيقةَ ما يحدث.
تبدو هذه الصّحافة مُهمَلةً وغير مثيرةٍ للاهتمام، وهي فعلاً كذلك. لكن اللوم لا يقع على الصّحفيين وحدهم. فقد عانت الصّحافةُ المعنيّةُ بالمصلحة العامّة في العديد من الدّيمقراطيّات الناشئة محاوِلةً أن تجدَ لها موطئَ قدمٍ ماليّ.
وفي الوقت الذي يهدّدُ فيه الرّكودُ الحالي النّاجم عن الوباء بتركِ آثار مدمّرة على وسائل الإعلام المستقلّة، يتدافعُ المانحون في محاولةٍ لدعم الشّركات الإعلاميّة. صحافةُ المصلحة العامّة هي آخر السّدود التي تقف في وجه فيضان المعلومات المضلّلة التي تهدد بابتلاع الديمقراطيّات في كلّ مكان.
ولكن حتّى الشّركات الإعلاميّة الأقوى من النّاحية المالية تعاني لتزدهر في الأسواق التي أنهكتْها المنافسة غير العادلة من اللاعبين الدوليين. وتكمنُ المفارقة في أنّ هذه الأطراف الدّولية في معظمِ الدّيموقراطيّات الناشئة هي المجموعات الإنمائيّة.
يجب أن يتغيّر هذا الواقع. يمكن للمعونات أن تكون شريان الحياة لوسائل الإعلام المستقلّة في الأسواق الناشئة المحاصَرة. ويمكن لوسائل الإعلام المستقلّة أن تقوم بعملها على وجهٍ أفضلَ بمساعدة الجهات الفاعلة في مجال التّنمية على نشر المعلومات المهمة التي من شأنها أن تدفع عجلة التّغيير.
الآثار الضّارة
هذه اللحظة ملحّةٌ أكثر من أي وقتٍ مضى لكي تعيدَ الجهاتُ الفاعلةُ في مجال التّنمية تقييمَ تفاعلاتها مع وسائل الإعلام المحلّيّة، وإيجاد طريقة أذكى للمضي قدماً.
لفهمِ الآثار الضارّة التي ألحقتْها أموالُ التّنمية بوسائط الإعلام في البلدان الفقيرة، يجب النّظر إلى الفرق بين التّفاعلات بين صانعِ الأخبار والصّحفيين في البلدان المتقدمة وفي البلدان النّامية.
في الديمقراطيات السّليمة، تتواصلُ المنظّمةُ الرّاغبة بتغطيةِ قضيةٍ ما في الإعلام – كمنظمّة إغاثة على سبيل المثال –مع الصّحفيين مباشرةً، أو ترسل بيانًا صحفيًا، أو تعقد مؤتمراً صحفيًا. ثمّ يستخدم الصّحفيون مهاراتهم في إعداد التقارير لتقييم حقيقةِ القصّة وقيمتها لجمهورهم. ويضيف الصّحفيون السياق الذي يحتاج إليه الجمهور لفهم القصّة. كما يمكن لمنظمة الإغاثة أن تتجاوز عن الصحفيين وتدفع ليتمّ عرضُ محتواها كإعلان. وتحمي هاتان الآليتان استقلاليّة الصحفيّ وتوضّحان للجمهور مَنشأَ المحتوى.
ولكن الأمور تجري بشكلٍ مختلف في العديد من البلدان الفقيرة. تدفعُ معظمُ وسائلِ الإعلام للصحفيين أجورًا منخفضة أو لا تدفع لهم على الإطلاق. وبهذا يجني الصّحفيون دخلهم من دفعاتٍ يتلقّونها من الأشخاص الذين يكتبون عنهم. هذه الممارسة راسخة لدرجةٍ أن الكثيرين، حتّى موظّفو الإغاثة، لا يدركون أنّها رشوة. لا يستخدم أحدٌ كلمةَ “رشوة”بالطبع. وتسمى الدّفعات “بَدَل” مواصلات للذهاب إلى مؤتمر صحفي أو “مياومات” للمشاركة في ورشة عمل.
كما تستفيدُ مجموعاتُ التّنمية من الصحفيين المحليين بإعطائهم فرصًا السفر إلى الخارج، وويغدقون عليهم “البَدَلات والمياومات” وتُمنح لهم بطُرُقٍ مبهمة تهدف إلى مكافأة منْ يكتب تغطيةً مادحة. ويدركُ كل من شارك في ذلك أن الدفعات ستؤدّي إلى تغطيةٍ إيجابيّة دون تدقيقٍ صحفيّ. في معظم الحالات، تكون القصُّةُ الصحفيّة النّاتجة بيانًا صحفيًا كُتبَ من جديد: ممل، ومأخوذ عن مصدرٍ واحد، ولم تُفحَص الحقائق الواردة فيه، ولا يقدّم وجهات النّظر المعارضة، ولا يتضمّن دراسة حالة واقعية من شأنها أن تساعد الجماهير على أن يشعروا بأن القصة تمثّلهم.
طريقة أكثر حكمة
بهذه الطريقة الكلُّ خاسرون. لا يُمنحُ الصحفيُّ التّمويلَ ولا الحرّيّةَ في اختيار القصّة التي يرى أنّها الأكثر أهمّيةً للجمهور. وتكون القصّةُ مملّةً جداً بحيث لا ينخرط الجمهور مع مجموعة التنمية ولا يبدِ اهتمامًا بالقضيّة. ولا تحصل المؤسّسة الإخباريّة على إيراداتٍ لتستثمرها في الابتكار أو في الصّحافة الجيّدة. ولا يحصل الجمهور على نظرة متوازنة على القضايا الحقيقيّة التي تؤثّر على مجتمعهم.
لهذا النّظام الفاشل تداعياتٌ عميقة: حيث تصبحُ الصّحافةُ أداةً للمصالح الخاصّة لنشر المعلومات المضلِّلة. لا يُنظر إلى الصحفيين ولا إلى عملهم باعتباره جديرًا بالثّقة أو باعتباره أداةً مفيدةً للديموقراطية تحاسبُ المسؤولين. لا يوجد حافزٌ للصحفيين للقيام بعملٍ صحفيٍّ مستقلٍّ عالي الجودة. ويُنظر إلى مهنة الصّحافة على أنها نقطة انطلاقٍ للحصول على وظائف أفضل أجراً وأكثر احتراماً – وللأسف أن هذه الوظائف تكون في كثير من الأحيان في قطاع التّنمية. تفقدُ أسواقُ الإعلام المحلّية أفضلَ صحفييها عندما يغادرونها للالتحاق بوظائف في قطاع التّنمية. الخريجون المتفوّقون لا يدخلون الصّحافة، ولا يستمرُّ إلا القليل منهم بما يكفي لتعلُّم المهارات الصحفية اللازمة لإنجاز تقارير تُحدثُ فرقًا. إنها حلقةٌ مفرغة لن تقدّم يومًا للديموقراطيّة الصحافةَ الحيوية التي تحتاجها.
إصلاح هذه النّمط الفاشل أمرٌ بالغ الأهمّيّة للجميع. والجيّد هنا أن مراجعةَ النّهج قد تغيّرُ واقعَ وسائل الإعلام المحليّة. وهنالك بالفعل مجموعةٌ هائلة من الإيرادات الإعلاميّة الممكنة من التمويل الإغاثي والتي لم يتم استغلالها بعد. بلغ الإنفاق الرّسميّ على المساعدات 150 مليار دولار في عام 2019 وفقًا لمنظمة التّعاون الاقتصادي والتنمية (OECD). فالمساعدات تشكّل ما يعادل أكثر من 10 في المائة من النّاتج الإجمالي المحلّي في اثني عشر بلداً من بلدان أفريقيا جنوب الصّحراء الكبرى. وفي ظروف ما بعد الحرب، مثل ليبيريا وأفغانستان، كانت المساعدات الدوليّة مساويِةً للاقتصاد المحلّي بأكمله.
يمكن لقطاع بهذا الحجم أن يكون مصدرًا رئيسيًا لعملاء الدّعايةِ والرّعايةِ لوسائل الإعلام في اقتصادٍ سليم. للأسف، إنفاقُ التّنمية في البلدان الفقيرة نادراً ما يُوجَّه إلى الدّعاية، وبدلاً من ذلك، يغذّي نموذج الأعمال الفاسد الذي يثبّط الصّحافة الجيّدة ويقوّض السّوق. (وعلى النقيض من ذلك، فإن تمويلَ تطويرِ وسائل الإعلام – الذي يهدفُ إلى تعزيز أنظمةِ الإعلامِ الحرّة والشّاملة والتّعددية التي تنتجُ صحافةً عالية الجودة – لا يشكّل إلّا 0.3٪ من إجمالي المساعدات).
الخطوات التّالية
ستكون الخطوة الأولى أن تتبنّى مجموعات التّنمية سياساتٍ تكفُّ عن تقويضِ القوى التي تحفّز الصّحافة الجيّدة. الخطوة الثانية هي أن توجّه منظمات الإغاثة ميزانيّاتها الإعلاميّة إلى الإعلانات والمِنَح والتّعاون الذي يوظّف وسائل الإعلام كأداةٍ رئيسيّة لتحقيق أهدافها وفي تعزيز التّنمية الاقتصاديّة والديموقراطيّة الشّاملة.
وقد بدأت بعض المنظّمات الإنمائيّة باتّخاذ خطواتٍ في الاتّجاه الصحيح. باتوا يختارون بعناية وسائل الإعلام التي يدعمونها، مع إعطاء الأولويّة لوسائل الإعلام التي أسستْ نماذجَ أعمالٍ قائمة على الإيرادات المستقلّة. وقد رفضت غرف أخبارٍ مثل Premium Times في نيجيريا، وJoy FM في غانا، و Front Page Africa في ليبيريا، نموذج الدفع مقابل الخدمة. حيث تدفع هذه المؤسسات للصّحفيين أجوراً لائقة وتمنعهم من تلقي دفعاتٍ من صانعي الأخبار. وكانت النتائج شبيهةً بالنتائج في أي سوقٍ إعلاميّ صحّي: صحافة مؤثّرة تركّز على المصلحة العامّة وتحاسب القادة، وتُطلع الجمهور على الأمور، وتضع معياراً أعلى للصّحافة.
أصبحتْ مجموعةٌ جديدةٌ من المنظّمات غير الرّبحية حلقةَ وصلٍ مهمة بين المانحين وغرف الأخبار. نادراً ما تتمتّع غرفُ الأخبار التّجارية بالخبرة اللازمة لإدارة المِنح، وغالباً ما يطلب المانحون من الحاصلين على المنح أن تكون مؤسساتهم غير ربحيّة. ومن بين الرواد في هذا المجال غرفةُ أخبار Bhekesisa غير الرّبحيّة التي تغطّي القضايا الصحيّة، أُنشئت باعتبارها تابعة لصحف Mail والجارديان في جنوب أفريقيا بدعم من GIZ، وكالة التنمية الألمانية.
تم تمويلها بشكلٍ رئيسيّ منذ عام 2015 من قِبَل مؤسّسة “بيل وميليندا غيتس“، وهي مؤسسة تنموية عملاقة تُعنى بمجال الصحّة. باتت Bhekesisa كيانًا مستقلاً الآن وتعقد شراكاتٍ مع جميع وسائل الإعلام المستقلّة الأبرز في جنوب أفريقيا. كما كانت مؤسسة “غيتس” من بين ممولي التّقارير الصحّيّة في مركز بحثيّ غير ربحيّ ملحق بـ Premium Times في نيجيريا.
كما قامت الجهات الفاعلة في مجال التّنمية بتمويل أعمال New Narratives (NN) وهي غرفة أخبار غير ربحية أسّستُها أنا سنةَ 2010 مع المحرّر الليبيري “رودني سيه”. New Narratives ليست مؤسسةً ناشرة، ولا تتنافس مع وسائل الإعلام المحلية. وبدلاً من ذلك، ندير المنحَ المقدَّمة من المانحين ونتعاون مع وسائل الإعلام المحلّيّة المستقلّة لمساعدتهم على تقديم عملٍ صحفي ممتاز ومستقل. وقد جاء تمويل New Narratives من منظّمات تركّز على مجموعةٍ واسعةٍ من القضايا المهمّة لتنمية المنطقة – حقوق المرأة والطّفل، والتّعدين والنّفط، والحراجة، وحقوق ملكيّة الأرض، والبيئة، والعدالة. وكأيّ منظّمة إخباريّة جيّدة، لدينا قواعد تحدّد الجهات التي نقبل منها المال، وليس للمانحين أيّ رأي في عمليّة التّحرير لدينا. وللشفافية مع الجمهور نضع شعار المموّلين على كلّ قصة ولكننا نذكر أيضًا أنه لم يكن للمموّلين أيّ رأيٍ في المحتوى. نقرر مع شركائنا في وسائل الإعلام ما هي القصص التي يجب أن نتابعها وكيف نغطيها.
تدفع New Narratives نفقات التّقارير والتّحرير، وترفد أهمّ ما في وسائل الإعلام. فهي تحقق عملاً صجفيًا مستقلاً عظيمًا يزيد من مصداقيّتها، ومن حصتّها من الجمهور، وتزيد إيراداتها. وقد عملت New Narratives مع هيئة من الصّحفيين الذين أُتيحت لهم الفرصة لإنجاز أعمال صحفية مستقلّة حصرا لشعبهم لمدة عشر سنوات، ولم يضطروا لترك المهنة لتحقيق دخلٍ مضمون. إنهم صحفيّون مستقلّون وملتزمون وشجعان، وأشاد بهم الجمهور لعملهم. لقد وضعوا معياراً جديداً رفيعاً للصحافة. وساعد في بناء ثقة النّاس بالصّحافة.
يحصل المموّلون على تغطيةٍ مُقنعة وموثوقة لقضاياهم المؤثّرة. عندما تُزعج تغطيتُنا الحكومةَ، قد يتعرض المموّلون لانتقادات حادّة. حتى الآن ، حتى اللحظة، لم تسحب New Narratives قصّة بدافع القلق على المموّلين. ويدرك المموّلون أن استقلالنا هو ما يعطي تقاريرنا المصداقيّة، وأنّها مفتاح التّأثير الذي نريد أن نحققه.
الجميع رابحون
هناك انتقاداتٌ لا غبار عليها على الأعمال الصّحفيّة المموّلة من المانحين: يمكن أن تغيّر مسارَ أجندةِ الأخبار في البلاد نحو أولويّات المانحين وأن تثبّط تغطية المانحين ممّن هم في أمسّ الحاجة للتّدقيق. ولكن لطالما كانت هذه التّسويات جزءًا من الأعمال الإخباريّة. وريثما يأتي ذلك اليوم السّحري الذي ستكون فيه الإيرادات المستقلّة للصّحافة وفيرةً للحدّ الذي يغنينا عن تقديم التّنازلات، يجب ألا ندع العمل المثاليّ يكون عقبةً في طريق العمل الجيّد. تُعدُّ الصحافةُ المموّلةُ من المانحين والمحكومة بحدودٍ قويّة لمنع التدُّخل تحسنًا كبيرًا إذا ما قارنّاها بالوضع السّامّ الذي تموّله الجهات التنمويّة حالياً.
هناك حاجة ماسة إلى خطوتين
أولا: ينبغي وضع مدوّنة لقواعد السّلوك للجهات التنمويّة التي تعمل مع وسائط الإعلام في الديمقراطيّات النّامية. يجب أن تشمل القواعد:
– ثني وكالات التّنمية عن دفع تكاليف التّغطية الإعلاميّة، بما في ذلك الدّفع عن طريق بدلات المواصلات والمياومات المبالغ في تقديرها.
– ثني الوكالات عن دفع أموال للمؤسّسات الإعلاميّة من أجل نشر البيانات الصّحفيّة ما لم يتم الإشارة بوضوح أنها “محتوى مدفوع الأجر” أو “محتوى مشمول برعاية”.
تشجيع الوكالات على التعرّف على وسائل الإعلام المحليّة التي تحاول تطوير نماذج أعمال مستقلّة وإعطاء الأولويّة للعمل معها.
– تشملُ مؤشّراتُ الشّركاتِ المستقلّة: العمل الصحفيّ المميّز، والذي يستخدمُ عدّةَ مصادرٍ ويشير إليها، والذي يشمل آراء متعددة حول أيّ موضوع، ويستخدم قصص أشخاصٍ حقيقيين لتوضيح القصّة، وأن يكون المحرّر عريقًا صحفيًا، وأن تكون المؤسسة مُبْتكرةً في التكنولوجيا وفي العمل الصحفيّ، وأن تعتمد نظام إيرادات قائم على الجمهور.
– تشجيع الوكالات على الدّفع مقابل نشر الإعلانات الحقيقيّة على وسائل الإعلام المستقلّة.
– تشجيع الوكالات على اتّباع إجراءاتٍ صارمة وشفّافة لتقديم الطّلبات للرحلات الخارجية وغيرها من الفرص المتاحة للصّحفيين.
– تشجيع الوكالات على تقديم مِنَحٍ صحفيّة لغرف الأخبار الوسيطة غير الربحية أو توجيهها إلى غرف الأخبار عند الضرورة. وينبغي للوكالات والجهات الحاصلة على منحٍ الاتّفاق على مجموعةٍ من القواعد تحمي استقلال عمليّة التحرير.
– تشجيع الوكالات على التفكير مرّتين عند توظيف كبار الصّحفيين المحليين. ما الأفضل لمصلحة البلد؟ أن يكون هذا الصحفيّ في دور العلاقات العامة لدى الوكالة أم كصحفيّ مستقلّ بارز؟
– ينبغي إنشاء وكالة للمحتوى المشمول بالرعايات لدعم الجهات التنمويّة التي ترغب في الإعلان في وسائط الإعلام في البلدان الفقيرة.
– يمكن أن تعمل الوكالة مع وسائل الإعلام المستقلّة لإنشاء محتوى مقنعٍ وعالي الجودة مناسبٍ للجمهور. سوف تدفعُ الجهاتُ الفاعلة تكاليفَ صناعة المحتوى وعرضه. وسيُوصف المحتوى بأنه “محتوى مشمول برعاية” أو “محتوى إعلاني” بشفافيّة كاملة مع الجمهور. ومن الأمثلة على ذلك حملة التّطعيم التي رعتها اليونيسيف.
– \\ستعمل الوكالة مع اليونيسيف على وضع محتوىً عام يتمّ تكييفه بعد ذلك لكل سوقٍ باللغات المحلية و الجهات المؤثّرة بالتّعاون مع وسائل الإعلام المحلّيّة. و بهذه الطّريقة ستحصلُ وسائلُ الإعلام على تدفّقِ إيراداتٍ مستقل. وستحصل وكالة التّنمية على رسائل مؤثّرة وصادقة من خلال مصادر محليّة موثوقة ولها جمهورها الواسع. ستحتاج الوكالة إلى تمويلٍ أوّلي ولكنها ستكتفي ذاتياً مع مرور الوقت.
الخطرُ الذي يهدّد بيئات المعلومات في البلدان الهشّة خطرٌ شديد، ولكن دعمَ بناءِ الأعمال الإعلاميّة في سوقٍ سامّة أمرٌ غيرُ مُجْدٍ. ومن خلال إصلاح العلاقة المدمّرة بين الجهات التنمويّة ووسائل الإعلام المحليّة، يمكننا أن نقطع شوطًا طويلاً في تعزيز القوى التي ستساعد الصّحافة الجيّدة والديموقراطية على الازدهار.
نُشرت هذه المقالة في الأصل على موقع دويتشه فيله أكاديمي في 27 يناير 2021، وأعيد نشرها هنا بإذن.
برو كلارك صحفيّة ومبتكرة في مجال تطوير وسائل الإعلام. نُشرت تقاريرها ومقالاتها في The Washington Post و The New York Times و Foreign Policy و BBC.
“برو” من الشركاء المؤسسين لـ New Narratives، وهي عضو في شبكة GIJN تدعم الصّحافة المستقلّة والابتكار الإعلاميّ في أفريقيا. وكانت مديرة تنفيذية تأسيسية لمعهد “جوديث نيلسون” للصّحافة ومديرةً لبرنامج الصحافة الدّوليّة في كلية “نيومارك” للدّراسات العليا للصّحافة في جامعة مدينة نيويورك.