Illustration: Marcelle Louw for GIJN
تنظيم الأدوية: التّطوير والموافقة
إقرأ هذه المقال في
دليل مصادر
تقصي الصحة والدواء
دليل فصل مصادر
الاستقصاء عن الصحّة والطبّ: مقدمة كوفيد19
دليل فصل مصادر
تنظيم الأدوية: التّطوير والموافقة
دليل فصل مصادر
الدّراسة ليست مجرّد دراسة. تأكّد من صحةِ ما لديك من أرقام
النّصيحة الأولى: تعمّقْ في قضايا تطوير الأدوية والموافقة عليها.
إذا كانت قصّتك الصّحفيّة عن الأدوية، فمن الضروري الخوض في تاريخ تطويرها والموافقة عليها. هناك كنزٌ من المعلومات القيّمة. على الرغم من أن جميع البلدان لديها وكالةٌ تنظيميّة خاصّة بها (انظر الملحق)، فإن عمل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) ووكالة الأدوية الأوروبية (EMA) له تأثيرٌ كبيرٌ على سوق الأدوية في جميع أنحاء العالم.
قد تكون الأدلّةُ المقدّمةُ من قِبل قطاع الأدوية إلى الوكالات التّنظيميّة لإثبات سلامةِ ونجاعةِ المنتجات متاحةً على مواقع المنظِّمين، رغم عدم ظهورها في كثير من الأحيان في الموادّ التّسويقيّة اللاحقة للموافقة على الدّواء.
تتألّف عمليّةُ تطويرِ الأدوية والموافقة عليها من خمس مراحل مبيّنة في الرّسم التوضيحي أدناه. من الضروري أن نتعمّق في جميع هذه المراحل، بدءاً من التجارب المضبوطة المعشّاة (RCTs)، وهي “المعيار الذّهبي” وتتمّ خلال المرحلة الثّانية والمرحلة الثّالثة. غالبًا ما تجد هنا أفضل الأدلّة المتاحة، وغالبًا ما تكون هذه الأدلّة أفضل من الأدلّة التي ستتمكّن من جمعها عندما يصبح المنتج في السوق. ومع ذلك، يمكنُ التّلاعب حتّى بالتّجارب المضبوطة المعشّاة.
لذا لا ينبغي أن ينحصرَ تركيزُ جزءٍ كبيرٍ من الصّحافة الطبّية الاستقصائيّة على الفساد المالي أو الأدوية الضّارة أو آثار الأجهزة فحسب، بل ينبغي أن يركّز على ما إذا كانت التّجارب السريرية تشوبها العيوب، أو يتمّ التّغاضي عنها في حال كانت نتائجها سلبيّة، أو في حال إساءة تفسيرها. مع ذلك، بعض التجارب المضبوطة المعشّاة التي نُشرت مرارًا في مجلاتٍ طبّية مرموقة كانت غير دقيقة. لمزيد من المعلومات حول هذا الموضوع اطلّع على هذه الورقة القويّة التي كتبها ” جون ب.أ إيوانيديس” : لماذا معظم نتائج البحوث المنشورة خاطئة. باختصار، المنهجيّات وعمليّات الموافقة المطلوبة في هذه المراحل الأولى أكثر صرامةً وتعطي دلالةً أوضَح.
تخلقُ مرحلةُ الموافقةِ توترًا كبيرًا بين المصلحة العامّة والمصالح التّجارية. وستحاول الشّركة المُصنِّعةُ ممارسةّ أقصى قدرٍ من التّأثير على الجهة التنظيميّة، التي لن يقتصر قرارها على إمكانيّة تسويق الدواء من عدمها، لا بل ستحدّد أيضًا الاستخدامات التي يمكن بيع الدوّاء لأجلها. كما تُغرِق شركاتُ الأدوية الجهةَ التنظيميّةَ بكمّيةٍ هائلةٍ من الوثائق. ورغم أن هذا قد يبدو أمرًا جيّدًا، فإنه في بعض الحالات يصعّبُ عملَ الجهات التنظيميّة، نظرًا لأنّها معروفة بإمكانيّاتها المحدودة.
الخطوة الأولى هي إلقاء نظرةٍ عن كثب على جميع تفاصيلِ عمليّةِ الموافقة. قيِّم استيفاءَ المعايير، وتأكّدْ إن كان الكفيل قد تلقّى مرونةً استثنائيّة في المعاملة كالمخالفات أو التّنازلات. على سبيل المثال، ربما سمحت الجهة التنظيميّة للشركة أن تُظهِرَ نجاعة الدّواء ليس على أساس تأثيره في معالجة الهدف الرئيسيّ، بل على أساس نتائج الوصول إلى “نهايات بديلة” أو “نتيجة بديلة”.
النّهايات البديلة هي مؤشّرات (غالباً ما تكون علامات حيويّة مثل اختبارات الدّم) التي يختارها الباحثون لأنها تُعتبر مساهِمًا مهمًا في آليّة المرض. على سبيل المثال، يمكن استخدامُ ضغطِ الدّمِ كنهايةٍ بديلةٍ في تجربة أدوية القلب والأوعية الدّموية، لأنه عاملُ خطرٍ معروف يسهم في الإصابة بالنّوبات القلبيّة والسّكتات الدّماغية. الفرضيّة هي أنه إذا أظهرَ الدّواء تأثيرًا على النّهاية البديلة (مثل ارتفاع ضغط الدّم) فإن هذا سيؤثّر أيضًا على النّتيجة السّريريّة (مثل النّوبات القلبيّة والسّكتات الدماغيّة).
لسوء الحظ، كثيرًا ما لا يؤدّي أثرُ الدّواء على النتيجة البديلة الفائدةَ المتوقّعةَ للمرضى، حتى أنّه قد يُلْحِقُ الضّرر بهم. كما أن المؤشّرات البديلة تفحصُ الفائدةَ دون تناولِ الضّرر. لذلك يمكن لأحد أدوية السكّري أن يكون فعّالاً للغاية في خفض نسبة السكّر في الدّم (مؤشّر بديلٌ آخر لمرضى السكري الذين غالبًا ما يموتون بالنّوبات القلبيّة والسّكتات الدماغيّة)، ولكن يمكن لهذا الدّواء نفسه أن يقتل عددًا أكبر من المرضى عن طريق إتلاف الكبد لأن الجوانب الأخرى لآليّة المرض لم تُكْتَشف بعد أو لم تُفهَم جيداً. لهذا السبب يجب التّعامل بحذر مع أيِّ نتائجٍ تم التّوصُّل إليها عبر دراسةٍ صُمِّمَت باستخدام نهاية بديلة.
موقع Students 4 Best Evidence مصدرٌ جيِّدٌ لتعلّم الأساسيّات في هذا المجال، لأنّه دقيقٌ ومفهومٌ لعامّة النّاس. يفسّرُ الموقعُ عثراتِ “النهايات البديلة” باستخدامٍ مثال تقليديّ من السبعينات: “المرضى الذين يُعانون من عدمِ انتظامِ ضربات القلب عادةً ما يتمّ إعطاؤهم أدويةً مضادّةً لعدم انتظام دقّات القلب . . . حتى ‘تصحِّحَ’ ضرباتِ القلب وتعيدَها إلى وضعها الطّبيعيّ. عدمُ انتظام ضربات القلب ظرفٌ صحيٌّ خطير لأنه يزيد من احتمالية تعرُّضِ المرضى للموت القلبيّ المفاجئ. في السبعينات، كان هنالك مجموعة من الباحثين يختبرون دفعةً جديدةً من الأدوية المضادة لعدم انتظام ضربات القلب، وأشارت النّتائج الأوليّة إلى أن الأدوية الجديدة نجحت في إعادة ضربات القلب إلى طبيعتها. . . ومع ذلك، أظهرت النّتائج في وقت لاحق أن معدل الوفيات أعلى في المجموعة التي تتلقّى الأدوية مقارنةً بالمجموعة التي تتلقّى الدّواء الوهميّ. وتبيّن بالتالي أن قياسات ضربات القلب كانت مُضلّلة وأن ضرر الأدوية كان في الواقع أكبر من نفعها”.
بمجرد أن تجمع وتحلّل الأدلّة من التّجارب السريريّة، من المهمّ مقارنة البيانات المقدَّمة إلى الجهات التنظيميّة مع الأدلّة المنشورة في الأدبيّات الطّبية. تحقّق من اتّساق المعلومات أو تناقضها، وانتبه إلى كل الدّراسات التي قُدِّمت إلى الجهة التّنظيميّة. قد تجد أن دراسةً ما، لعبتْ دورًا مهمًا في عملية الموافقة إلا أنّها لم تنشر أبدًا في مجلّة علميّة، وهذا غالبًا ما يكون مؤشّر خطر فالنّتائج التي تحصل عليها الجهات التّنظيميّة لم تُنشر كلّها أو لن تُنشر. يحرصُ مصنّعو على نشر نتائج مواتية في المجلات العلميّة، ولكن الحال يختلف عندما تكون النّتائج مُنفّرة.
هنالك حالةٌ مشهورة تمّ فيها تجاهل البيانات غير المنشورة المُقدَّمة إلى الجهة التنظيميّة وكان للحادثة عواقب ضارة. كان مسكّن الألم (rofecoxib) Vioxx دواءً ناجحًا جدًا من شركة Merck حتى ظهرت النتائج الصّادمة التي توصّل إليها “ديفيد غراهام” سنة 2004، وهو عالمٌ في إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA). زاد مسكّن Vioxx منْ خطر الإصابة بالنوبات القلبيّة إلى حد كبير، وقدّر “غراهام” أن قرابة الـ 140.000 نوبة قلبية و 60.000 حالة وفاة نَجَمتْ عن الآثار الجانبية للدّواء. وقامت الشركة المصنّعة بسحْبِ الدّواء طواعيّةً من الأسواق بعد الإعلان عمّا توصّل إليه “غراهام”. ذكرتْ صحيفة وول ستريت جورنال أنّ شركة Merck كانت تعلم على الأقل منذ عام 2000، أي قبل سحب الدّواء بأربع سنوات، أن Vioxx يؤدّي بشكلٍ كبير إلى زيادة خطر الإصابة بالنّوبات القلبية والوفيّات، ولكن الشّركة اختارت عدم الكشف عن هذه البيانات. وأظهرتْ وثائقُ الشّركة المسرّبة كيف أصدرتْ Merck تعليماتٍ لمندوبي المبيعات لديها حتى يتجنّبوا الدّخول في مناقشات حول هذه الآثار الجانبيّة.
أظهرت دراسةٌ نشرتْ في ديسمبر 2004 في مجلة لانسيت، لعالم الأوبئة السّويسري “بيتر جوني” وزملائه في جامعة برن، أن كان ينبغي على إدارة الغذاء والدّواء الأمريكيّة أن تكون على علمٍ بمخاطر Vioxx، لأن جزءاً، على الأقلّ، من البيانات المُقلِقة وغير المنشورة كانت قد قُدِّمتْ بالفعل إلى الإدارة. كتب جونى وزملاؤه“إن النّتائج التى توصّلنا إليها تشير إلى أن سحبَ عقارِ rofecoxib كان يجب أن يتمّ قبل عدّة سنوات. ما زال هنالك حاجة لتوضيح الأسباب التي دفعت السّلطات المعنية بالتصنيع ومنح تراخيص الأدوية إلى الاستمرار في عدم رصدِ وتلخيصِ الأدلّة المتراكمة.”
تصدّرت قضيّة Vioxx عناوين الصّحف في جميع أنحاء العالم وتسبّبت في سيلٍ من الدعاوى القضائية، أغلقتها Merck بتسوياتٍ بلغت أرقامًا قياسيّة. (كُتبتْ موادٌ كثيرة عن القضيّة، ألقِ نظرةً على هذه المادّة التي نُشرت في Nature، وهذا هذه المادّة التي نُشرت على رويترز). صارت القصّة مثالًا يُضرب في السّوء الذي قد تصل إليه الأمور. من الموارد المتاحة عن حكاية Vioxx ألقِ نظرةً على سلسلة NPR الخاصة Vioxx: سقوط دواء; نصّ شهادة “ديفيد غراهام” أمام مجلس الشّيوخ الأمريكيّ؛ والمادة التي نُشرت على BMJ ماذا تعلّمنا من Vioxx؟?
ومن الأمثلة الأخرى على النّشر الانتقائي للأدلّة الذي يقوم به قطاع صناعة الأدوية، حالة مسكّن الألم OxyContin، الذي سوّقت له شركة Purdue Pharma، والذي أصبح رمزًا لأزمة الموادّ الأفيونية في الولايات المتحدة. كانت الشركة على علمٍ بسوء استخدام العقار في السّنوات الأولى التي أعقبت الموافقة على التسويق سنة 1995، وأخفت الشركة معلومات، كما أظهرت التّحقيقات التي أجراها الصحفي “باري ماير”. بدأ “ماير” بتغطية تسويقِ مسكّن الألم OxyContin ووباء الإدمان على المواد الأفيونيّة الناجم عنه بدايات عام 2001 لصحيفة نيويورك تايمز. بحث لسنوات، وكتب كتابًا عن الموضوع نُشرَ لأوّل سنة 2003، ونُشرتْ منه نسخةٌ منقّحة سنة 2018:“مسكّن الألم: إمبراطوريّة الخداع وأصل وباء المواد الأفيونية في أميركا.” في أكتوبر/تشرين الأول 2020، أعلنت وزارة العدل الأمريكيّة عن قرار تحقيقاتها الجنائيّة والمدنيّة في قضية شركة Purdue Pharma، مما أدى إلى إقرارات جنائيّة بالذنب وتسوية فيدراليّة بأكثر من 8 مليارات دولار.
وعلى الرغم من أن حالات مماثلة تُظهر حدودَ عملِ الجهات التنظيميّة، إلا أن المعايير التي تتبعها الهيئة التنظيمية الفيدرالية الأمريكية، وهي إدارة الغذاء والدّواء، من أكثر المعايير صرامةً وتطلُّبًا في العالم. تُصدر الإدارة الكثير من الوثائق، والكثير منها منشورٌ على موقعها على الإنترنت، وهو مصدر مفيد إذا كنت تريد أن تفهم كيف وصل منتجٌ ما إلى السوق. في صفحة أيّ يمكنك أن تجد خطًا زمنيًا يحتوي روابط لجميع الأدلّة المتعلّقة بالدّواء التي قدّمت المعلومات اللازمة للعمليّة الطويلة التي أدّت إلى إدخال الدّواء إلى السّوق. للتعرّف على الدّراسات التي تمّ النظر فيها خلال عملية الموافقة، انتبه بشكلٍ خاص إلى رسائل رسائل الموافقة من إدارة الغذاء والدّواء الأمريكيّة وانتبه إلى المراجعات السريريّة والإحصائيّة. ولكن ضع في اعتبارك أن عملَ إدارة الغذاء والدّواء ليس خاليًا من العيوب، وأن الإدارة تحصل على جزءٍ كبير من تمويلها من قطاع صناعة الأدوية. وكما جاء في تحقيق أجراه في عام 2016 مشروع الرقابة الحكومية (POGO)، “إدارة الغذاء والدّواء تعتمد على تمويل قطاع الأدوية؛ المال يأتي وتأتي معه شروطه”،’ على مدى العقدين السابقين ارتفعت “رسوم المستخدم” التي يدفعها قطاع صناعة الأدوية من 35 ٪ إلى 71 ٪ من ميزانية إدارة الغذاء والدّواء “لمراجعة استعمالات الأدوية على البشر” بموجب قانون “رسوم مستخدمي الوصفات الطّبية”. توصّلَ مشروعُ الرقابة الحكومية إلى أن اعتمادَ الإدارةِ على القطاع وتضاربَ المصالحِ الواضح يعزّز هيمنةَ شركاتِ الأدوية الكبرى (المعروفة بالبيغ فارما)، وهناك دلائل على أن عمل إدارة الغذاء والدّواء قد يتعرض لضررٍ متزايد، كما يتضح من الميل نحو خفضِ معايير الموافقة على الأدوية، مثلاً من خلال توسيع المعايير التي تسمح بالموافقة على مُنتجٍ ما في إطار عمليّة “المسار السريع”.
في الأصل، تمّ استحداث المسار السريع لهدفٍ نبيل: تقديم علاجاتٍ جديدة بسرعة للمرضى من شأنها أن تلبي الاحتياجات غير المُلبّاة. وقد تمّ الأخذ بإجراءٍ خاصٍّ يعجِّل بالموافقة عن طريق تقليل كميّة ونوعية الأدلّة التي يجب أن يقدمها قطاع صناعة الأدوية. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة أصبح المسار السريع بمثابة طريق التفافيّ لشركات الأدوية، يمكّنهم من تخطّي أو تقصير التّقييمات العميقات التي تجريها الجهات التّنظيمية.
المزيد من القضايا التي تتطلب اهتمامنا عند الاستقصاء عن الأدوية تناولها “دونالد دبليو لايت” و”جويل ليكسين” و”وجوناثان ج. دارو” في ورقتهم: الفساد المؤسسي لصناعة الأدوية وأسطورة الأدوية الآمنة والفعّالة، التي نُشرت سنة 2013 في Journal of Law, Medicine & Ethics. وشملت قائمة القضايا التي أعدّوها أن معظم الأدوية الجديدة التي وافقت عليها إدارة الغذاء والدّواء منذ السّبعينات ليست أفضل للمرضى من الأدوية السابقة، وأن معيار الـ”أمان” منخفض، نظرًا إلى أن الأدوية المعتمدة قد تسببت في وباءٍ لا يمكن نفيه من الآثار الجانبية الضّارة، حتى عندما كانت توصف بشكلٍ صحيح.
الجمعُ بين البحوث المتعمّقة في كلٍّ من إدارة الغذاء والدواء الأمريكيّة ووكالة الأدوية الأوروبيّة قد يكون مفيدًا جدًا لعملك الصّحفي. إنْ كانت إدارة الغذاء والدّواء تنشر الكثير من الوثائق، فإن وكالة الأدوية الأوروبية موردٌ مهمٌّ جدًا للوصول إلى تقرير الدّراسة السريريّة لأي تجربة، وعادة ما يكون التّقرير وثيقةً طويلةً تقدّم تفاصيل كثير حول منهجية التجربة ونتائجها. كما أكّد الباحثان “بيتر دوشي” (كلية الصيدلة بجامعة ميريلاند) و”توم جيفرسون” (جامعة أكسفورد)، فإن إدارة الغذاء والدّواء”تتعامل مع تقارير الدّراسة السّريريّة وأجزاء أخرى من الملف المقدَّم من الرّعاة كمعلوماتٍ سرّيّة تجارية، وبالتّالي، لا يمكن الإفصاح عنها بموجب قانون حقّ الحصول على المعلومات في الولايات المتّحدة. وعلى النقيض من ذلك، تعتبر وكالةُ الأدوية الأوروبية كلَّ الوثائق، بما في ذلك تقارير الدّراسات السّريرية، خاضعةً لسياسة حرية المعلومات “تفاعليّة” وهي الجهة التّنظيميّة الوحيدة في العالم التي تصدر هذه البيانات بشكل روتيني. ومع ذلك، تتعامل الوكالة مع عدد كبير ومتزايد من الطّلبات”.
يحقُّ لمواطني الاتحاد الأوروبي فقط وللأشخاص (الطّبيعيين أو القانونيين) المقيمين أو لديهم مكتب مسجَّل في دولة عضو في الاتحاد الأوروبي، الحصول على وثائق وكالة الأدوية الأوروبيّة. تفاصيلُ إجراءاتِ الحصول على الوثائق متاحةٌ على موقعهم على الإنترنت.
يؤكّد “دوشي” و”جيفرسون”، وهما صاحبا خبرة واسعة في هذه العمليّة أن “الإفصاح عن المعلومات قد يستغرق وقتًا طويلا وغالبًا ما يتمّ ذلك بعد مراسلاتٍ مطولة”. كما قد تعترضُ شركاتُ الأدوية على إفصاح وكالةِ الأدوية الأوروبيّة عن بياناتِ التّجارب السّريريّة، وقد ينتهي النّزاع أحيانًا في المحكمة، كما جرى في قضيةٍ من عام 2018 عندما أفصحت وكالة الأدوية الأوروبيّة عن تقارير الدّراسة السريريّة لدواءٍ لمرضِ “حثل العضل الدّوشيني”.
تتعرّض الجهات التّنظيميّة لانتقاد دائم بسبب قربها من قطاع صناعة الأدوية، وهذا ينطبق على وكالة الأدوية الأوروبيّة أيضًا، على الرغم من أن الوكالة بذلت مؤخراً بعض الجهود لزيادة الاتّصالات حول تعاملها مع المصالح المتنافسة.
وبالإضافة إلى الوكالات الوطنية، تلعب المنظّمات الدّولية دورّا في العديد من جوانبِ تنظيمِ الأدوية والأجهزة الطبّية، بما في ذلك الاعتماد، والتّصنيع، والتّوزيع، والتّسعير، والتّسويق، والبحث والتطوير، وحقوق الملكيّة الفكريّة. الاستقصاء العميق في عملهم أمرٌ يستحقّ العناء إذا أردتَ أن تفهم بشكلٍ كامل عمليّة التّنظيم والموافقة على أيّ دواء. طرح الأسئلة الصّحيحة عن القضايا الأهم قد يفيدك:
– لماذا طلبت السّلطات التّنظيميّة بعض البيانات ولم تطلبْ غيرها؟
– كيف تؤثر الملكيّة الفكريّة للمنتج على تراخيصه وأسواقه؟
– هل حاول قطاع صناعة الأدوية التّأثير على عمل أيٍّ من هذه المنظمات؟
اطّلع على المنظّمات الواردة هنا. يتمتّع كلٌّ منها بمجموعةٍ واسعة من الكفاءات التي تغطّي جوانب مختلفة من هذا السّوق، ومعلوماتها متوفّرة بالتفصيل على مواقعهم:
– المجلس الدّولي لمواءمة المتطلبات التّقنية للمستحضرات الصيدلانية مع الاستخدام البشري
– منظّمة الصحّة العالميّة (WHO)
– منظّمة الصحّة للبلدان الأمريكيّة (PAHO)
– منظمة التجارة العالمية (WTO)
– المنظمة العالمية للملكيّة الفكريّة (WIPO)
الاستقصاء عن الأجهزة الطبّية
الأجهزة الطبّية تضمّ مجموعةً واسعةً من المعدّات، التي يعرّفها “دانيال ب. كريمر” وزملاؤه بأنها “التّقنيات الصحّية من غير الأدوية و اللقاحات والإجراءات السريريّة.” الاستقصاء عن الأجهزة الطبّية يعني الخوض في بيئة غير منظّمة. لا يمكن إنكار أن الأجهزة الجديدة في العقود الماضية قد قدّمت بدائل أفضل لبعض الأمراض. لكنها لا تقدّم دائما الفائدة للمرضى وعرّضتْ بعضهم لمخاطر كبيرة، كما جرى في حالات سحبِ زرعاتِ الثّدي والورك الاصطناعيّ.
والمعايير في هذا المجال أدنى بكثير مما هي عليه بالنّسبة للأدوية.
في عام 2016 ، وجدت مراجعة “الأدوية والأجهزة: المقارنة بين عمليّات الموافقة الأوروبية والأمريكيّة أن حوالي 2٪ فقط من الأجهزة الطبّية التي تمّت الموافقة عليها في السنوات العشرة أو الاثنتي عشرة السّابقة مرّت عبر “تطبيقات ما قبل السوق”، وهي العملية الأكثر صرامة في إدارة الغذاء والدّواء للموافقة على الجهاز. المراجعة التي نُشرت في JACC: “منَ العلوم الأساسيّة إلى التحويليّة”، ذكرتْ أن 10٪ إلى 15٪ فقط من ملفّات الأجهزة المقدَّمة إلى إدارة الغذاء والدّواء تحتوي على البيانات السّريريّة، وأن 7٪ أُعفيت تمامًا من المراجعة. وخلصت المراجعة إلى أنه “عندما تكون التّجارب السّريريّة مطلوبةً للأجهزة، فإنها في كثير من الأحيان لا تستوفي نفس المعايير الصّارمة للأدلّة السّريريّة المطلوبة للأدوية. غالباً ما تكون غير عشوائيّة، وغير مُعَمّاة، وليس لديها مجموعات تحكّم نشطة، ولا نقاط نهاية واضحة.”
هنالك أوجه تشابه بين عمليّات الموافقة على الأجهزة الطبّية في الاتّحاد الأوروبيّ والولايات المتّحدة، ولكن هنالك اختلافات مهمّة كذلك، كما جاء في نفس المراجعة: “قبل الموافقة على جهازٍ طبّي في الولايات المتحدة، لا يجب إثبات أن الجهاز آمن فحسب، بل يجب أن يكون فعّالًا أيضًا. الأجهزة الطّبية المعتمدة في أوروبا تحتاج فقط إلى إظهار السلامة والأداء. . . ومن الآثار الجانبية للأنظمة الأكثر “حساسيّة من الناحية التّجارية” في أوروبا أن هنالك سعي متزايد للحصول على الموافقة المبدئية على الأجهزة المدعومة من الشّركات الأمريكيّة في الاتّحاد الأوروبي قبل استخدامها في الولايات المتّحدة”.
الولايات المتحدة وأوروبا تقودان هذا المجال، وعلى الرغم من أن معظم الجهات التّنظيميّة في كل دولة تتبنّى عمليات الموافقة الخاصة بها للأجهزة الطبّية، إلا أن معظم البلدان تميل إلى اتّباع إدارة الغذاء والدّواء ووكالة الأدوية الأوروبيّة. في العديد من البلدان، إذا كان جهازٌ طبيٌّ ما قد حاز سلفًا على موافقة إدارة الغذاء والدّواء ووكالة الأدوية الأوروبيّة فستكون عملية الموافقة عليه أقصر بكثير.
ومع ذلك، هناك مخاوف جدّيّة بشأن مدى ملاءَمةِ وفعاليّة عمليتيّ الموافقة، كما هو جاء في مراجعة “دانيال ب. كريمر” و”شواي شو” و”آرون س. كيسلهايم” المنشورة سنة 2012 “ما مستوى أداء تنظيم الأجهزة الطبية في الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبي؟ مراجعة منهجية“ وخلص المؤلّفون إلى ما يلي: “الدّراسات الحالية لموافقةِ الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبيّ على الأجهزة وتقييم المرحلة اللاحقة لدخول الأجهزة إلى الأسواق، تشير إلى أن كلا النّظامين بحاجة لإصلاح سياستهما، بما في ذلك تحسين تصنيف الأجهزة في الولايات المتّحدة وتعزيز الشّفافية والرّقابة بعد دخول الأجهزة إلى الأسواق في الاتّحاد الأوروبي”.
في عام 2014، انضمّ “كارل هينيغان” وهو عالمٌ من أكسفورد، إلى تحقيقٍ سرّي لكشف مدى تراخي القواعد لدرجة أنه يمكن الموافقة على أغلفة الفاكهة باعتبارها جهازًا طبّيًا. طلبت “جيت شوتن””، وهي صحفيّة في هيئة الإذاعة العامّة الهولنديّة AVROTROS، من “هينيغان“ أن يصدر تقريرًا علميًا خاطئًا عن إعادة استخدام الأكياس الشبكية المُستخدَمة في بيع البرتقال كشبكةٍ جراحيّة للمهبل، والتي تستخدم عادةً لتدعيم الأنسجة الضّعيفة في منطقة الحوض. وقد نجح الاختبار: لم يتوقّع المنظِّمون أيّة مشاكل في عمليّة الموافقة، ولم يطرحوا أيّة أسئلةٍ عن السّلامة.
بعد خمس سنوات، صار المزيد من النّاس على درايةٍ أكبر بالأجهزة الطبية بسبب التحقيق عن ملفّات الزرع الذي أنجزه الاتّحاد الدّولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ)، وكان مستوحى من عمل “شوتن”. ووجد المشروع أن السّلطات الصحية لم تتمكّن من حماية المرضى من الأجهزة الطّبية المرتبطة بأكثر من 83,000 حالة وفاة وأكثر من 1.7 مليون إصابة في العقد الماضي. نشر الاتّحاد الدّولي للصحفيين الاستقصائيين قاعدة بيانات للأجهزة الطّبية الدّوليّة يمكن للعامّة البحث فيها، وتحتوي قاعدةُ البيانات حالاتِ سحب المنتجات، وتنبيهات السلامة، وإشعارات السلامة الميدانية، والبيانات المأخوذة من المصادر العامّة، فضلا عن الاستجابات لطلبات حق الحصول على المعلومة.
وشارك في هذا التّعاون 36 بلداً وأكثر من 250 صحفيًا ومتخصصاً في البيانات من 58 منظّمة إعلاميّة. منذ نشر التّحقيق في ملفات الزرع ، تعهّد المنظِّمون في جميع أنحاء العالم بتحسين الرّقابة على الأجهزة الطبية.
لمعرفة المزيد عن مشروع الاتّحاد الدّولي للصحفيين الاستقصائيين والأدوات التي استخدمها وطوّرها الفريق العالمي، اطّلع على: ICIJ كل ما يجب أن تعرفه عن ملفات الزرع والدروس المستفادة من ملفات الزرع. قاعدة البيانات والأدوات تعدُّ موارد جيّدة للصّحفيين الذين يحققون في هذه المواضيع.
النّصيحة الثّانية: ابحث عن مؤشّرات الخطر
تستخدمُ شركاتُ الأدوية خلال عمليّة الموافقة مجموعةً متنوّعةً من التّقنيات للوصول إلى قرارٍ لصالحها. كما تستخدم استراتيجيات التّسويق والإفراط في فرض الصِّفة المرضيّة، بهدف التدخُّل في عملية الموافقة. فيما يلي ثلاث استراتيجيات يستخدمونها:
– توسيعُ تعريفِ المخاطر أو الأمراض الواجب معالجتها من أجل زيادة القيمة المحتملة للدّواء. اطّلع على هذه الأمثلة التقليديّة عن الكوليسترول، وضغط الدم، وسكّر الدّم.
– التّدخل والكشف المبكّر. الأمثلة الشائعة عليها هي فحوصات السّرطان، والفحوصات الصّحية، والاختبارات الجينية. من الجيّد في هذا السياق الاطّلاع على المادّة المنشورة على HealthNewsReview.org تحت عنوان “كيف يمكن للإفراط في التّشخيص وغيرها من الأضرار أن تقوّض الفوائد، ومادّة “إخضاع الاختبارات للاختبار: العديد من الإجراءات الطبية يتبيّن أنّها غير ضروريّة وخطرة” المنشورة على Scientific American. والمادّة المنشورة على PBS: مخاطر بـ 200 مليار دولار لاختبارات طبّية غير ضروريّة والمادّة المنشورة على Washington Health Alliance: “لا تتسبب بالضّرر قبل كلّ شيء”.
– زيادة عدد الأوضاع الصحّية التي يمكن أن يُوصَف أو يُستَخدمَ الدّواء لعلاجها، وهي استراتيجية تعرف باسم “التّرويج للمرض”.
عند تفحُّص عمليّة الموافقة على الأدوية، ركّز على الجوانب الرئيسية التي ستحدّد سوقَ المنتج، بدءًا من “مؤشره”. يصفُ المؤشّر الحالة التي ينبغي فيها استخدام أحد المنتجات الصيدلانيّة (دواء، فحص، لقاح). إذا كان المؤشّر معتمداً، فهذا يعني أن السّلطات التنظيميّة قد راجعت الأدلّة المقدَّمة من الشّركة المُصنِّعة لعلاجِ حالةٍ أو مرضٍ أو للوقاية منها، وسمحتْ للشّركة بتسويق المُنتج لهذا الاستخدام المحدَّد. توسيع المؤشّر ممارسةٌ شائعة لتوسيعِ سوق المنتج، وغالبًا ما يحدث خطوة خطوة، مع تقديم قطاع صناعة الأدوية بياناتٍ جديدة للمنظِّمين.
ابحث أكثر وانظر في: تعريف المرض; كيف يتمّ وصف وتوثيق مخاطر الإصابة به؛ تصميم التّجارب السريريّة (المُخرَجات، معايير الاستبعاد/الإدراج)؛ بيانات الفعاليّة والسّلامة؛ وكيفيّة تقديم نتائج الدّراسة. إذا كنت جديداً في مجال الرّعاية الصحية، ستحتاج لفترةٍ للاعتماد بشكلٍ كبير على المساعدة من العلماء المستقلّين لتحليل الأدلّة. ولكن مع مرور الوقت، كما يعرف أيُّ صحفيّ استقصائيّ طبيّ مُتمرِّس، ستصبح قادرًا أكثر وأكثر على الانتباه إلى مؤشّرات الخطر وتقييم الأدلّة بشكلٍ مستقلّ. قد تكشف مراجعتك استنتاجاتٍ تمّ الوصول إليها بطريقةٍ خاطئة حول النسبة بين المخاطر والفوائد لمنتجٍ ما، وستعطيك مراجعتك فكرةً عن كيفيّة حدوث هذا الخطأ.
تعمّق في بحثك: قواعد بيانات التّجارب السريرية
في عام 2005، أعلنت اللجنة الدّوليّة لمحرّري المجلّات الطبّية أنه حتى تُنشر دراساتهم، يجب على”الرّعاة” الذين يدفعون مقابل التّجارب السريريّة أن يسجلّوا التّجارب السريريّة قبل بدئها. الكثير من المجلّات لا تنشر نتائج التّجارب إلا تلك التي تمّ تسجيلها مسبقًا. ويوجد حالياً 24 سجلاً (سجلات على المستوى الوطنيّ والإقليميّ والدّولي؛ وهذه هي القائمة). تتيح بوابة البحث في التّجارب السريريّة التّابعة لمنظمة الصحة العالمية الوصول إلى قاعدة بيانات مركزيّة تحتوي على مجموعات بيانات مقدّمة من 17 سجلاً، مع روابط للسجلات الأصليّة الكاملة. بعض الشّركات تدير سجلّاتها الخاصّة، مثل GlaxoSmithKline وEli Lilly . ClinicalTrials.gov كان أوّل سجلٍّ على الإنترنت من هذا النوع ولا يزال هو الأكبر والأكثر استخدامًا. وقد عملت المعاهد الوطنيّة الأمريكية للصحّة وإدارة الغذاء والدّواء معًا لتطوير الموقع، الذي أتيح للجمهور في شباط/فبراير 2000. إذا كنت تفكر في إجراء تحقيقٍ عن فئةٍ معيّنة من الأدوية، أو دواءٍ مرّ عليك، فمن الجدير بك أن تبدأ من ClinicalTrials.gov.
سندخل في تفاصيل هذا الموضوع في القسم التّالي، ولكن عندَ البحثِ في قواعد بيانات التّجارب السريريّة، احرص على أن تطّلع على:
– تصميم الدراسة.
– معايير إدراج المرضى/استبعادهم من الدّراسة.
– مراكز البحوث المعنية.
– تاريخ التغيّرات.
– إذا كانت التجربة ما تزال جارية.
– إذا تمّ نشر النّتائج .
– نقاط النّهاية: أوليّة، وثانويّة، ومجتمعة، وبديلة. من المهمّ للغاية فهم مفهوم نقطة النهاية إذا كنت تريد أن تستقصي في مجال الصحّة والطبّ. وفقا لمبادئ العلوم التحويليّة في الطب،“النّقاط النهائية السريرية هي قياسات مختلفة أو تحليلات لخصائص المرض لوحِظت في دراسة أو تجربة سريريّة تعكس تأثير التدخُّل العلاجي”. يمكن أن تكون نقاط النهاية صعبة (موضوعيّة) أو ناعمة (ذاتيّة). في بعض الحالات يتمّ استخدام نقاط النّهاية البديلة بدلاً من النتائج المهمّة سريرياً.
يمكنك العثور على تغييرات في تصميم الدّراسة من خلال مقارنة الدّراسات السريريّة كما سُجِّلت في السّجلات مع نفس الدّراسات كما نُشرت في وقتٍ لاحق في مجلّة علمية و/أو قُدِّمت إلى الجهاتت التّنظيمية. كما ذكرنا، الدراسات لا تُنشر دائمًا في المجلّات الأكاديميّة. عدم النشر والتّغييرات في تصميم الدّراسات غالبا ما تكون مؤشر خطرٍ مُلفِت، وهذا قد يكون مؤشرًا على أن النّتائج الإشكاليّة قد أُخفيَت.
خلال عمليّة الموافقة، تُعقد اجتماعات اللجان الاستشاريّة، ويمكن أن تكون محاضرها مفيدة، حيث أن المنظّمين غالباً ما يرون مشاكل محتمَلة ويسألون القطاع أسئلة ملفِتة وأسئلةً مزعجةً أحيانًا. يمكن لهذه المحاضر والوثائق المتّصلة بها أن تعطيك فكرةً قيِّمة عن المشاكل والتوتُّرات. مواقع ادارة الغذاء والدّواء، ووكالة الأدوية الأوروبيّة، ومنظّمة الصحّة العالميّة تُعدُّ كنزًا ثمينًا لما تحتويه من المعلومات والأفكار المحتملة.
لمعرفة المزيد عن دور منظّمة الصحّة العالميّة في تنظيم الأدوية في العالم، اطّلع على تنظيم الأدوية: التّاريخ والحاضر والمستقبل. تدير منظّمة الصحّة العالميّة أيضا قائمة الأدوية الأساسيّة وقائمة التّشخيصات الأساسيّة،التي عرّفتها بأنها “وثائق توجيهيّة أساسيّة تساعد البلدان على إعطاء الأولويّة للمنتجات الصحيّة المهمّة التي ينبغي أن تكون متاحةً على نطاقٍ واسع وبأسعار معقولة في كل النّظم الصحيّة”. الوثيقتان التوجيهيتان تؤثّران بشكلٍ كبير على سوق الأدوية العالميّ.
النّصيحة الثالثة: احصل على بيانات غير منشورة
قد لا تكون الوثائق كلّها موجودةً في السجل العلنيّ المرئيّ، ولكن يمكن الحصول عليها عادة من إدارة الغذاء والدّواء ووكالة الأدوية الأوروبية ومن خلال طلب حق الحصول على المعلومات. في كل مرة تقدم طلبًا فيها كهذا، فإنك تقدّم خدمةً للصّالح العامّ لأن بعض الطلبات قد تُنشر علنًا على موقع الوكالة.
على موقع iFOIA، الذي طوّرته لجنة المراسلين لحرية الصحافة، يمكن للمستخدمين المسجَّلين إنشاء، وإرسال، وتبادل، والاحتفاظ بالطّلبات الأمريكيّة. ستجد الكثير من النّصائح والموارد القانونية في الدليل العالمي لحق الحصول على المعلومات على موقع GIJN . استخدِمْ قانون تعزيز الحصول على المعلومات الجنوب إفريقيّ (PAIA) المُلزم أيضًا للهيئات الخاصّة. رغم أن قطاع صناعة الأدوية ما زال يقاوم طلبات الأفصاح الكامل على اعتبار أن هذا قد يضرّ بحقوق الملكيّة الفكريّة من خلال فضح الأسرار الصّناعية، لكن إذا كان تحقيقك منصبّاً على شركة مقرها في جنوب أفريقيا، فمن الجيد أن تلجأ لهذا القانون.
إذا قرّرت تقديم طلب للحصول على المعلومات مع إدارة الغذاء والدّواء، فكِّر بطلبِ الوصول إلى مراسلات البريد الإلكتروني والوثائق التّقنية، مثل خطط تحليل البيانات الإحصائية (DAP) للدّراسات السريريّة. حصلنا سنة 2011 على وثيقة DAP كانت قد قدّمتها شركة Merck من أجل الحصول على الموافقة على لقاح الغردزيل لفيروس الورم الحليمي البشري. وكما ذكرنا في مجلة BMJ Evidence-Based Medicine، فقد أظهرت الوثيقة إدخال تعديلٍ منهجيّ كبير خلال تجارب المرحلة الثالثة، حيث تم استبدال تحليل محدّد مسبقًا بمؤشر ذو قيمة أقل. تسمّى هذه الممارسة “تبديل النّتائج” وهي ممارسة مثيرة للجدل وقد تكون مشكلة في الإبلاغ عن الدّراسات السريرية، لأنّها قد تشوّه الأدلة.
تمّت مناقشة مثال على العواقب المحتمَلة لتبديل النّتائج في هذا الموجز لعام 2018 من أكاديمية إيناغو حول عقار “باروكسيتين” المضادّ للاكتئاب، مع روابط للدّراسات الأصليّة. كما تناولت صحيفة نيويورك تايمز هذه المسألة في مقال لـ”بنديكت كاري“ نُشر سنة 2015.
لمعرفة المزيد عن هذه الممارسة الإشكالية، على الرغم من انتشارها النّسبي، ألقِ نظرةً على مشروع COMPARE الذي قام به فريق من الأكاديميين وطلاب الطبّ والمبرمجين في مركز الطب القائم على الأدلّة التّابع لجامعة أوكسفورد.
يمكن أن تكون بيانات الدّراسات السريريّة غير المنشورة مهمّةً عند تقييم المخاطر والفوائد الحقيقيّة للدّواء. ولكن الحصول على البيانات وإجراءالتقييم يمكن أن يكون أمرًا صعبًا، حتى بالنّسبة للعلماء ذوي الخبرة. اطّلع مثلًا على: “استراتيجيات للحصول على بيانات تجربة الدواء غير المنشورة: دراسة مقابلة نوعية“. انتبه أنّه من حقّ إدارة الغذاء والدّواء ألّا تؤكّد أو تنفي وجود دراسة استجابةً لطلب الحصول على المعلومات. وقد تضافرت جهود الأكاديميين والصحفيين الاستقصائيين مؤخرًا لتحديد مواقع مجموعات البيانات المفقودة أو غير المكتملة.
ومن الأمثلة على ذلك حملة تاميفلو التي قامت بها British Medical Journal، والتي تهدف إلى الضّغط على شركات الأدوية لنشر البيانات التّجريبية الأساسية لاثنين من الأدوية المضادّة للإنفلونزا المخزّنة عالمياً. لتعرفَ المزيد عن أثر انعدام الشفافيّة، وللوصول إلى مصادر غزيرة للقصص التي لم يتمّ الإبلاغ عنها اطّلع على:
Restoring Invisible & Abandoned Trials Initiative وAllTrials و TranspariMED.