إعداد إمكانية الوصول

خيارات الألوان

لون أحادي لون باهت مظلم

أدوات القراءة

عزل حاكم

القصص

التحقيقات مفتوحة المصدر: كيفية تفادي الصدمات غير المباشرة ومواجهتها واكتشافها

English

كتابة: هانا إلِس

ترجمة: جهاد الشبيني

سواء كان هجومًا كيميائيًّا أو انفجارًا، يحتاج المحققون المعتمدون على مصادر مفتوحة إلى مطالعة الصور الحية الملتقطة من الميدان والتفاعل معها، ذلك أنها من صميم التحقيقات المعتمدة على مصادر متاحة على الإنترنت. وكنتيجة لتزايد المحتوى الإعلامي الذي ينتجه شهود العيان، فإن الصحفيين الاستقصائيين يتعرضون لكمية كبيرة من الصور المحتوية على مشاهد مؤلمة. وعلى الرغم من أن هذه المواد من المحتمل أن تستخدم كدليل له أغراض استقصائية أو أخرى متعلقة بالمساءلة، يجب أن نكون مدركين لآثار هذه المواد الصادمة على أولئك الذين يطلعون عليها بصفة دورية؛ إن التعرض المتكرر للمواد التي ينتجها شهود العيان أو إفادات الشهود، يتسبب في صدمة ثانوية أو غير مباشرة، ذلك أن شعورًا بالاضطراب الذهني يتولد نتيجة التعرض لمواد تحتوي على مشاهد مؤلمة على الإنترنت.

إن الغرض من وراء هذا الدليل هو أن يكون أداة تعليمية لأولئك العاملين في مجال التحقيقات مفتوحة المصدر، إذ يتضمن بحثًا لـ”سام دَبرلي“، المدير بهيئة التحقق الرقمي التابعة لمنظمة العفو الدولية والمساهم في مركز إعلام شهود العيان، بالإضافة إلى خبرتي المكتسبة من العمل في معمل التحقيقات مفتوحة المصدر، بمركز حقوق الإنسان التابع لكلية الحقوق بجامعة كاليفورنيا في “بيركلي”. وعلى الرغم من أن هذا الدليل يُركز في موضوعات استقصائية متعلقة بالشرق الأوسط، فمن الممكن أن تتم مواءمته مع مناطق جغرافية أخرى.

تفادي الصدمة الثانوية

إن محتوى التحقيقات مفتوحة المصدر في منطقة الشرق الأوسط كثيرًا ما ينطوي على مشاهد ذات طبيعة مؤلمة، والخطوة الأولى نحو إبطاء الشعور بالانطفاء، الناجم عن الصدمة غير المباشرة في مجال حقوق الإنسان، هو معرفة كيفية تفاديها.

إن معرفة نفسك تعد أحد العوامل الرئيسية التي تساهم في تفادي الصدمات الثانوية، لأنها تتيح لك معرفة أي الصور تؤثر عليك بشكل أكبر. على سبيل المثال: من الممكن أن يكون بكاء الأطفال صادمًا على نحو خاص لبعض الأشخاص، بخلاف آخرين ممن تصدمهم الجروح البدنية الواضحة. إن فهمك لجوانبك الحساسة أمر مهم لتفادي الصدمة لأنه يسمح لذهنك بأن يكون مستعدًا، ذلك أن الفرد يكون عُرضة للصدمة الثانوية، على نحو خاص، عندما يكون عقله غير مستعد أو متفاجئًا بما يواجهه، ومن ثم عليك أن تجعل ذهنك مستعدًا لما توشك على رؤيته، بل وتحذر الزملاء من المواد الصادمة التي تنوي عرضها عليهم.

فهم خلفيتك وبيئتك عاملٌ آخر مهم يساهم في تفادي الصدمة الثانوية. يمكن للصدمة الثانوية أن تتزايد إذا كانت هناك صلة شخصية بالمسألة التي تحقق فيها؛ حتى أن العوامل التي تكون مفيدة عند إجراء تحقيق مفتوح المصدر في الشرق الأوسط، مثل القدرة على التحدث باللغة العربية أو وجود روابط شخصية بالمنطقة، كثيرًا ما تكون لها القدرة على أن تجعل تأثير تلك المواد المؤلمة صادمًا بدرجة أكبر. كذلك، يمكن لبيئتك أن تؤثر على حساسيتك تجاه الصدمة الثانوية. أَبْقِ على العمل الاستقصائي داخل مكتب؛ فإذا كنت تعمل من المنزل، أبق العمل خارج غرفة نومك، إذ من المهم أن تحافظ على مساحة آمنة داخل المنزل تعود إليها. الحفاظ على روتين له حدود زمنية أيضًا أمر ضروري؛ خصص وقتًا لعملك وجاهد للحد من العمل ليلًا.

منصات مفتوحة المصدر

هناك العديد من الأدوات التي تقلل من خطر الصدمة الثانوية عند التعرض لمواد إعلامية على “تويتر” و”يوتيوب” و”فيسبوك”:

– إذا كنت تشاهد فيديو على “يوتيوب”، اِكتم الصوت أولًا وقبل أي شيء، إذ تُظهر الأبحاث أن الأصوات المرتبطة بالصدمة غالبًا ما تكون مؤذية أكثر من الصور.

– عندما يكون الفيديو في وضع “توقيف مؤقت” أو “Pause”، تحرك فوق شريط التمرير باستخدام المؤشر وعَايِنْ الفيديو عن طريق الصور المصغرة التي تظهر بفعل تحريك المؤشر (يمكن تطبيق هذه الطريقة مع الفيديوهات المنشورة على “يوتيوب” و”فيسبوك”، لكن لا يمكن تطبيقها مع الفيديوهات المنشورة على “تويتر”)، وبذلك ستكون أمامك فرصة أن ترى إذا/متى كان هناك أي محتوى من شأنه أن يكون صادمًا، ومن ثم تكون مستعدًا. إذا كان هناك شيء يظهر بوضوح شديد في أحد الفيديوهات، أو إذا كنت تكرر مشاهدة أخد الفيديوهات عدة مرات من أجل التحقق، فمن الممكن أن تقوم بتغطية المشاهد المؤلمة باستخدام يدك أو باستخدام ورقة ملاحظات لاصقة.
– اِجعل خاصية التشغيل التلقائي مغلقة دائمًا، لأن ذلك سيحميك من أن تتفاجئ بفيديو آخر ربما يحتوي على مشاهد مؤلمة. في “فيسبوك” و”تويتر”، يجب أن تقوم بذلك يدويًّا من قائمة الإعدادات

– أخيرًا، إذا كنت قارئًا غير عربي، تَرجِم عنوان وتوصيف الفيديو الذي تعمل عليه، ثم ابحث عن الكلمات الممكن أن تشير إلى محتوى يظهر بوضوح، وأبْقِ الكلمات القليلة التالية نصب عينيك.

child طفل/طفلة
chemical attack الهجوم الكيميائي
martyr شهيد
bomb قنبلة
torture تعذيب
family أسرة/عائلة
hospital مستشفى
injury الإصابة

اكتشاف الصدمة الثانوية

مع مرور الوقت ــ حتى مع توخي الحذر ــ يمكن للتعرض المتكرر للمحتوى المؤلم أن يؤثر في أكثر الاستقصائيين قوة. ولذلك، نورد إليك بعض المؤشرات التحذيرية الواجب الانتباه إليها في حياتك الخاصة.

لاحظ إن كانت هناك تغيرات في روتين نومك، نظامك الغذائي وعلاقاتك:

– هل تنام أكثر من المعتاد؟ لا تستطيع النوم؟ تراودك كوابيس؟ 

– هل بدأت في الإكثار من الوجبات السريعة؟ هل تضاءلت شهيتك؟

– هل تقضي مزيدًا من الوقت بمفردك؟ ربما تدفع أولئك المقربين منك بعيدًا؟

– هل تغيرت علاقتك بالعقاقير و/أو الكحوليات؟

من الممكن للحيد عن عاداتك الطبيعية أن يكون علامة على أن عملك الاستقصائي ربما يؤثر عليك سلبًا. عندما تلاحظ هذه المؤشرات، يكون الوقت قد حان للتوقف وتقييم صحتك العقلية.

مواجهة الصدمة الثانوية

إذا بدأت تشعر بأعراض صدمة ثانوية، توقف لحظة وفكر جيدًا في آثارها عليك ثم تراجع خطوة إلى الوراء. بالنظر إلى أننا محققون نعتمد على المصادر المفتوحة، فغالبًا ما تكون لدينا رغبة في تجاوز هذه المشاعر وتجاهلها بُغية الاستمرار في عملنا. وعلى الرغم من تولد إحساس بقلة الحيلة بسبب التعطل عن العمل في مجال التحقيقات، يتعين عليك مواجهة الصدمة التي تمر بها حتى تكون محققًا مُنتجًا في الشرق الأوسط.

كُن على تواصل مع الأصدقاء والعائلة، إذ كثيرًا ما يكون التواصل مع غير العاملين في مجال التحقيقات أمرًا سارًّا، كذلك فالانفتاح على الزملاء أمرٌ مفيد بنفس القدر، إن لم يكن بقدر أكبر؛ ذلك أن زملاءك يعرفون بالضبط ما تمر به وما تتعرض له بشكل يومي، وعليه فإن تكريس الوقت من أجل تقليب الأمور ودعم أحدكم الآخر أمرٌ ضروري لمواجهة الصدمات والتغلب عليها.

البحث عن أنشطة ترخي بها عقلك أيضًا مسألة مهمة، إذ تبين أن التمارين الرياضية والتأمل يخففان من أعراض الصدمة غير المباشرة، فالبدء في ممارسة التمارين من الممكن أن يساعد على تقليل القلق والإحباط ويجعل أحد جوانب حياتك تحت السيطرة، كذلك فمن الممكن للتأمل أن يكون نشاطًا مفيدًا من أجل إرخاء عقلك. وهناك تطبيقات عديدة، مثل “ذا مايندفولنِس آب” و”إنسايت تايمر” و”هِد سبيس“، من الممكن أن تكون مرشدك فيما يتعلق بتمارين التأمل. من الممكن أيضًا أن تخفف الضغط بمشاهدة فيديوهات أو أشياء خفيفة على التليفزيون، إذ من شأن ذلك أن يمنح ذهنك الراحة المطلوبة.

اِبحث عن أفضل ما ينجح معك، وإذا استمرت الأعراض؛ فربما ينبغي عليك التفكير في استشارة أحد المختصين.

خلاصة

على الرغم من أن الشرق الأوسط ثري ثقافيًّا، فنحن ــ الاستقصائيين ــ غالبًا ما نتعامل مع جوانب المنطقة الأكثر بشاعة فقط. في مركز حقوق الإنسان، نخصص أسبوعيًّا وقتًا لموسيقى الشرق الأوسط وفنه وشعره، حتى يذكرنا بجمال المنطقة وإنسانيتها، وقد ساعد هذا على تخفيف الرؤية الضيقة المحتملة، وتقليل الاكتئاب الممكن أن يتزايد مع الوقت.

عند إجراء تحقيقات مفتوحة المصدر عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، اِنتبه إلى صحتك. خذ راحة، تفاعل مع المحتوى بحكمة وحافظ على الاجتماعيات. إن التخلص من الوصمة المرتبطة بالإجهاد الذهني المصاحب لهذا العمل مهم بنفس القدر.

____________________________________________________________

ظهر هذا المقال للمرة الأولى على موقع Bellingcat، ويعاد نشره هنا بعد الحصول على إذن.

هانا إلِس” باحثة مساعدة في مركز “بيركمان كلاين للإنترنت والمجتمع” في جامعة هارفارد، والقائدة السابقة لفريق Syria Investigations في معمل التحقيقات مفتوحة المصدر بمركز حقوق الإنسان في كلية الحقوق في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.

إعادة نشر مقالتنا عبر الانترنت أوطباعة تحت رخصة النشاط الابداعي

إعادة نشر هذا المقال


Material from GIJN’s website is generally available for republication under a Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International license. Images usually are published under a different license, so we advise you to use alternatives or contact us regarding permission. Here are our full terms for republication. You must credit the author, link to the original story, and name GIJN as the first publisher. For any queries or to send us a courtesy republication note, write to hello@gijn.org.

إقرأ التالي

ورقة نصائح الأمن والأمان نصائح وأدوات

كيف يمكن للصّحفيين أن يعتنوا بأنفسهم عند التّحقيق في الصور القاسية للحرب والصراع

يواجه خبراء المصادر المفتوحة كمًا هائلاً من الصّور القاسية. فكيف يمكن للصّحفيين حماية أنفسهم من الأذى الناجم عن مشاهدة الصّور الصّادمة باستمرار؟
التّحقيقات مفتوحةُ المصدرِ التي كانت في السابق محصورةً بمواقع متخصّصة مثل Bellingcat، دخلت عالم الصحافة السائدة، مدفوعة بالحاجة إلى التحقُّق على الفور من كميات كبيرة من الصور ومقاطع الفيديو والادّعاءات. بات لدى وسائل الإعلام الكبيرة مثل بي بي سي ونيويورك تايمز فرق مخصصة للتّحقيقات البصريّة، وتزايدت أهمية عملها في سياق حرب المعلومات.

العثور على سجلات أمريكية لمتابعة التّحقيقات العابرة للحدود

دليل لبعض مصادر البيانات الحكوميّة الأمريكيّة التي يمكن أن تساعد الصّحفيين الأجانب والأمريكيين في تغطية الحروب الأمريكيّة ومبيعات الأسلحة وتأثير السياسة الخارجيّة الأمريكيّة.

رون ديبرت في الجلسة الافتتاحية #gijc23

الأمن والأمان

أزمة القرصنة العالمية: كيف يمكن للصحفيين الاستقصائيين مواجهتها

تم تحذير أكبر تجمع على الإطلاق من الصحفيين الاستقصائيين من أنهم يواجهون وباء التجسس السيبراني ، ويجب أن يذهبوا إلى الهجوم لفضح الممثلين السيئين الذين يسعون إلى تقويض الأمن الرقمي.

توصّل الموقع الاستقصائيّ الفنزويلي Armando.info إلى أن ميامي ومواقع أخرى في جنوب فلوريدا أصبحت مراكز للشّركات والممتلكات المسجلّة من قبل مسؤولين سابقين رفيعي المستوى في الدّولة الفنزويليّة.

منهجية

كيف تمكن “أرماندوا. إنفو” من كشف أصول سرية لمسؤولين فنزويليين في فلوريدا

عندما شرع فريق في Armando.info في العثور على أفراد مرتبطين بالحكومة الفنزويلية والذين قد يكون لديهم استثمارات سرية – وحتى تصاريح إقامة – في الولايات المتحدة، لم يتخيلوا أبدًا حجم ما سيجدونه بمجرد أن يبدأوا في متابعة الأموال.