فن إجراء المقابلات الصحفية
بقلم: ماريا إيميليا مارتين
باتريشيا سوزا الصحفية بالوكالة الأسبانية الدولية للأخبار تحاور الرئيس البوليڤي إيڤو موراليس. الوكالة الأسبانية الدولية/ ديفيد كول بلانكو
تُعد المقابلة الصحفية واحدة من أهم الأدوات، إن لم تكن الأهم، التي نستخدمها نحن الصحفيون للحصول علي المعلومات، وللإسهاب في معلومة حصلنا عليها من مصادر أخرى، ولتوضيح الحقائق ولرؤية الأشياء من أكثر من منظور.
تُجرى المقابلة الصحفية للإسهاب في جمع الأخبار علي أساس ” من، وماذا، وأين، وكيف، ولماذا”. لا يهم نوع الخبر الذي نُغطيه : سواء كان في مجال الصحة، أو الإقتصاد، أو السياسة أو أية أمور أخرى
أثناء تغطية موضوعات مثل القضاء علي الفقر، والفساد، والمساواة بين الجنسين، والمخاوف البيئية والصحية، تتجه المقابلة نحو سماع أصوات الناس الأكثر تأثرا بالموضوع عن سماع صوت الخبراء فقط. إن المقابلة على هذا النحو تعمل علي إيصال الأصوات غير المسموعة للفقراء والمتأثرين والضحايا إلى جمهور أكبر.
للأسف، يعتقد كثير من الصحفيين أن إجراء المقابلة الصحفية يقتصر علي طرح الأسئلة وتلقي الإجابات. ولكننا عادة لا نهتم كثيراً لهذه المهارة. فمن مقتضيات الصحافة المؤثرة بحق أن نحول مهارات المقابلة إلى فن. وهذا يحدث بالممارسة وإتباع قواعد إرشادية منها:
أ- إستعد، إستعد، إستعد
تعتمد جودة المعلومة التي نحصل عليها من المقابلة الصحفية بشكل كبير على مقدار الإستعداد لهذه المقابلة. فمن المهم معرفة خلفية الموضوع الذي تقوم بتغطيته، وعلي الأقل المعلومات الأساسية عمن تُجري المقابلة معهم. وهنا يأتي دور الملفات القديمة، واللقطات من المحطة الإخبارية أو الصحيفة التي تعمل بها، وأيضا من الإنترنت، ومكتبتك الخاصة.
جهز قائمة بالأسئلة سلفاً، أو قائمة نقطية بالموضوعات التي تريد أن تتناولها. ولكن لا تكن مهتما بها جدا لدرجة أن تكسر القاعدة التالية من فن المقابلة الصحفية.
ب- إستمع، أنصت وإصغ
كن مستمعاُ بالفعل، وكن منتبهاً أثناء المقابلة، فلا تنشغل بالنظر إلى قائمة أسئلتك بحيث يفوتك شيء مما يقوله ضيفك، قد يستدعي سؤالاً آخر للمتابعة. خاصة حين تحاور مواطنيين عاديين، كن منتبها ويقظاً. ففي العادة يشاركونك آلامهم، فإحترم ذلك بالإستماع لهم بإسلوب مهذب وفعال.
ج- إسأل نفسك: ماذا أريد من هذه المقابلة؟
هل تُجري هذه المقابلة للحصول على إقتباس سريع أو تسجيل قصير؟ هل تكتب أو تُنتج ملفاً عن موضوع ما، قد يستدعي وقتا أطول أو ربما عدة مقابلات بإعدادات مختلفة؟
إذا كانت المقابلة للراديو أو للتليفزيون، ربما عليك أن تأخذ في إعتبارك أن يكون الضيف مرئياً أو مسموعا بشكل جيد. لهذا تعتبر المقابلة التليفونية قبل اللقاء فكرة جيدة.
إسأل نفسك: هل لدي ركيزة أساسية لهذه المقابلة؟ هل لدي خطة؟
د- إختر المكان الأفضل
قرر ما إذا كان من الإفضل إجراء المقابلة عن طريق الهاتف (إذا كنت لا تحتاج في المقابلة إلى جودة البث) أو شخصياً. أحياناً سيرغب الأشخاص المشغولين كثيرا في إجراء مقابلة معك على الهاتف لمدة ۱٥ او ۲۰ دقيقة، بينما يمانعون إجراء مقابلة شخصية لأنهم يظنون أنها قد تستغرق وقتاً أطول.
إذا كان لديك الخيار، فكّرأين يمكن أن يكون المكان المناسب لإجراء المقابلة. إذا كنت تُجري المقابلة للراديو أو للتليفزيون فكّر في الإعداد ومستوى الضوضاء.
ه- فلتجعل ضيفك مرتاحاً
بعض الأشخاص يصمتون حين يرون ميكروفوناً، أو يتجمدون حين يسمعون كلمة “مقابلة”، في هذه الحالة يمكنك إخبارهم أنك تحتاج بعض الوقت للتحدث أو لتسأل بضعة أسئلة.
إجعل ضيفك يشعر بالراحة بالدردشة معه قبل أن تبدأ المقابلة. و إذا كنت تستخدم جهازاً للتسجيل الصوتي أوالڤيديو، إشرح له هذا الأمر لتجعله مرتاحاً.
كان حساساً بشكل خاص حين تُقابل ضحايا أو عائلات الضحايا، أو أشخاصا عانوا من جريمة أو كارثة، أو يعيشون ظروفاً تسعى الأهداف التنموية للألفية لمعالجتها. مهما كانت الظروف، تذكّر أن من يوافق على إجراء مقابلة أو تصويره لا يعطيك فقط وقته بل جزءاً من روحه، كما تعتقد بعض جماعات السكان الأصليين. فكن ممتناً وحساساً تجاه تلك الهبة، ومنتبهاً أثناء اللقاء.
إذا تأثر ضيفك أو أصبح عاطفياً أثناء المقابلة، أعطه/أعطها بعض الوقت ليتمالك نفسه. من الجيد أن تخبرهم أنك تتفهم موقفهم وأن بموافقتهم على إجراء المقابلة سيتفهم الأخرون موقفهم.
و- تحكم في المقابلة
شارك ضيفك بالهدف الرئيسي من المقابلة. وبالرغم من ذلك، لا تشارك قائمة الأسئلة الخاصة بك. سوف يبدو الأمر وكأن المقابلة مكتوبة ومتكلفة.
إذا كنت تستخدم ميكروفوناً، لا تفقد السيطرة عليه. لا تترك أبدا الشخص الذي تحاوره يسحب الميكروفون من يديك.
إذا كنت تحاور موظفا عاما أو أي شخص في مكتبه، لا يفضل إجراء المقابلة على مكتبه، حاول إيجاد أريكة أو مقاعد أخرى حيث يمكنك إجراء المقابلة بدون وجود مساحة كبيرة أو رمز للسلطة بينك وبين من تحاوره.
– نصائح أخرى
– إسأل أسئلة صعبة
إنها لفكرة جيدة أن تبدأ مقابلاتك بأسئلة أكثر ليونة وأقل إثارة للجدل. وبمجرد أن يصبح ضيفك مرتاحاً، يصبح من السهل طرح الموضوع الأصعب. قد ترغب في صياغة سؤالك على لسان طرف ثالث: مثل ” يقول معارضوك أن هذا وذاك……فما هو ردك؟”
– المقابلة عن طريق البريد الإلكتروني
أحيانا لا يكون مناسبا أو ممكناً إجراء مقابلة مع شخص وجهاً لوجه أو حتى عن طريق التليفون، فتنظر في إمكانية إجراء المقابلة عن طريق البريد الإلكتروني. وهذا ليس شيئا مثالياً لأنك سوف تفقد بعضا من التفاصيل التي تُكتسب وجها لوجه. و لا توجد فرصة لتدوين ملاحظات، مما يعني التردد في الإجابة وفقدان بعض التفاصيل الدقيقة التي قد تكون مهمة جدا.
– تمرّن، تمرّن، تمرّن
فن إجراء المقابلات قد يكون الجزء الأسهل والأكثر صعوبة في نفس الوقت في ممارسة الصحافة. إستمر في ثَقل فنك بأن تحاول أن تكون أفضل في كل مرة تُجري فيها مقابلة.
– ما هي الأسئلة الجيدة في أي مقابلة؟
– إسأل الشخص عن إسمه / إسمها ومنصبه في البداية.
– إسأل أسئلة مطلقة التي تستدعي الإجابة بأكثر من “نعم” او “لآ” .
– إجعل أسئلتك محايدة.
– إطلب تعاريف، أمثلة، نوادر.
– إسأل الأسئلة التي يود مشاهدوك أو قرائك أن يعرفوا إجاباتها.
– إجعل أسئلتك قصيرة ومحددة.
– إسأل سؤالا واحدا كل مرة (لا تُضاعف الأسئلة).
– كن مستعداً لتسأل سؤالاً للمتابعة وكن مستمعاً للأسئلة التي تتطلب المتابعة.
– لا تضع إفتراضات.
– تأكد أنك تسأل سؤالاً، بدلا من وضع تعقيب.
– لا تجادل مع الشخص الذي تحاوره.
– لا تحاول تغطية الكثير من الموضوعات أثناء المقابلة. تذكر هدفك.
– كن مهذباً ولكن مثابراً. إستمر في السؤال حتى تحصل على إجابة لسؤالك.
– جهز سؤالاً لتُنهي به المقابلة.
– في نهاية المقابلة، إسأل ضيفك/ ضيفتك إذا كان هناك شيء يود / تود إضافته (مما قد يُنشئ جزءاً قابلاً للإستخدام في المقابلة). إسأل أيضاً إذا كان يُرشح/ تُرشح آخرين لإجراء مقابلة معهم…….وأنك قد تتواصل معه / معها إذا كان لديك المزيد من الأسئلة التي تحتاج لإيضاحات.
نصائح لإجراء مقابلة عبر البريد الإلكتروني
أولا: عادة، عندما يُطلب مني إجراء مقابلة عبر البريد الإلكتروني، أتلقي قائمة طويلة من الأسئلة الي تحتاج إجابتها المدروسة لوقت أطول بكثير مما أملكه. لذلك، إذا كانت المقابلة عبر البريد الإلكتروني هي الخيار الوحيد، فأول شيء، كن مراعياً لوقت مصدرك وحدد لنفسك ما لا يزيد عن ثلاث إلى خمسة أسئلة.
ثانيا: عرف نفسك ومنظمتك الإخبارية لمصدرك. إجعلهم يعرفون من يتواصل معهم. ومن أين حصلت علي أسمائهم ومعلومات الإتصال بهم؟ عندما تُرسل أسئلتك، إطلب فرصة لطرح أسئلة للمتابعة أو أسئلة توضيحية إذا كان لديك أي منها.
ثالثا: أخبرهم بالموعد النهائي لك. تابعهم إذا لم تتلق إجابة منهم، و إرسل أسئلتك أيضا للعديد من المصادر خاصة إذا كان لديك موعد نهائي مُحدد.
رابعا: بمجرد تلقي الإجابة، أكمل المتابعة إذا كنت تحتاج لذلك. وتأكد من إرسال خطاب شكر مع عرض إرسال رابط للمقال بعد الإنتهاء منه ( وتابع إرساله لاحقا، إذا كنت قدمت هذا العرض).
خامسا: مع توفر برنامج سكايب علي نطاق واسع، أفضل إستخدام تلك التكنولوجيا في المقابلات الهاتفية. توجد العديد من البرامج التي تجعل من السهل تسجيل تلك المقابلة. ( تأكد من إخبار مصدرك أنك تقوم بتسجيل هذه المقابلة)
سادسا: إذا كنت تستخدم التليفون، أو سكايب، أو الإنترنت، تأكد من كونك جاهزاً لإجراء تلك المقابلة.
ماريا إيميليا مارتين: هي صحفية رائدة في الإذاعة العامة، وهي حاصلة على أكثر من ۲٤جائزة لعملها في الشأن اللاتينيو أمريكا اللاتينية. بدأت حياتها العملية في أول محطة إذاعة عامة تابعة للمجتمع المحلي يملكها ويشغلها لاتينيون في الولايات المتحدة الأمريكية. ومنذ ذلك الوقت طورت برامج رائدة للإذاعة العامة تتضمن برنامج الراديو الوطني العام لاتينيو الولايات المتحدة الأمريكية، وبرنامج بعد الحروب: أمريكا الوسطي بعد الحروب. وهي حاصلة على زمالة فولبرايت، وزمالة الفارس. ولديها خبرة واسعة في مجال الصحافة والتدريب الإذاعي في العديد من البلدان في الأمريكتين، بما في ذلك المكسيك وغواتيمالا وبوليفيا. وهي الآن ترأس مركز غراسياس فيدا للإعلام وغراسياس فيدا للإنتاج مقرها في أوستن، تكساس وأنتيغوا،غواتيمالا. وتعتبر تلك المقالة جزءا من مقتطفات من: دليل المراسلين الصحفيين للأهداف الإنمائية للألفية 2015