

الرسم من تقدمة موفق قات لصالح الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية
كيف تستخدم منصّات البيانات في الشرق الأوسط البيانات لتحدي الروايات وتعزيز العدالة
إقرأ هذه المقال في
من الحرب في غزة وامتدادها إلى لبنان والبلدان المجاورة إلى سقوط نظام الأسد في سوريا، أصبحت صحافة البيانات في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وسيلةً لا غنى عنها لتوثيق الأحداث الكبرى والمتسارعة على الأرض. وقد سُلّط الضوء على أنماط الصّراع النّاشئة والعلاقة العميقة بين البيانات والتقارير الميدانيّة، وأهميتها في منطقة غالبًا ما تواجه تحدّيات في الوصول إلى البيانات وتعاني من السّرديات الخاضعة للرّقابة.
كانت صحافة البيانات في المنطقة مدفوعة من قبل عدد قليل من المنظّمات التي عملت باستمرار، في بعض الحالات لأكثر من عقد من الزمان، لتأسيس منصّات وعقد الشراكات وإنشاء مشاريع مستنيرة بالمعرفة المحلية والفهم الدّقيق للمشهد الاجتماعيّ والسّياسيّ. على الرغم من تحدّيات الوصول إلى البيانات الموثوقة والمخاطر الأمنية، يواصل الصحفيون والمنظّمات التي تعتمد على البيانات في المنطقة تطوير تقنياتٍ مبتكرة لتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والفساد السّياسي.
تؤكد منظّمات مثل مشروع بيانات اليمن (YDP) وتصور فلسطين (VP) على أهمّية العمل مع باحثين على دراية بتحيزات والقيود على البيانات المتاحة التي تشكك في السرديّات التقليدية. يعد جمع البيانات وتقديمها بشكل مرئيّ من الأدوات المهمة للمساءلة و تحقيق الأثر القانوني العالمي. على سبيل المثال، تسريبات قائمة “إريكسون“، وهو تحقيق للاتحاد الدولي للصحافة الاستقصائية بالتعاون مع شبكة أريج للصحافة الاستقصائية وشركاء إعلاميين آخرين في 22 دولة، كشفت عن فساد الشّركات والتّواطؤ في مناطق النّزاع، مما أدى إلى إجراء تحقيقات قانونيّة.
جمع “مشروع بيانات اليمن” بعناية بيانات الغارات الجويّة من الصراع في اليمن في قضية رُفِعت في المحكمة العليا في المملكة المتحدة، واستشهد بها المشرّعون في أنحاء العالم لتقييم مبيعات الأسلحة إلى المملكة العربية السعودية. وبالمثل، زوّد المحتوى المرئي الذي تنتجه “تصوير فلسطين” ومنصاتها التفاعليّة الخبراءَ القانونيين بأدلّة للتحقيقات في جرائم الحرب، مما يدلّ على الدّور الحاسم للبيانات في جهود العدالة الدّولية. أنتج فريق قناة الجزيرة لرواية القصص المرئيّة، AJ Labs، برنامجًا قائمًا على البيانات يوثّق الأرواح التي أُزهقت في حرب غزة، بما يتجاوز حدود الإحصائيات.
سرد القصص من خلال البيانات من أجل “التغيير السردي”
لأكثر من عقد من الزمان، كانت منصّة “Visualizing Palestine” تعدّ رسوم الإنفوغراف التي تلخّص القضايا الواسعة والمعقّدة المحيطة بالحياة الفلسطينية – بدءًا من الإضراب عن الطعام إلى التّهجير القسري وأزمة المجاعة في غزة – إلى صور مذهلة ومؤثرة.
يتعاون فريق VP المكوّن من ثمانية أعضاء، المنتشر في جميع أنحاء فلسطين ومصر ولبنان والولايات المتحدة، بشكل متكرر مع مصممين وباحثين خارجيين لإيصال رسالتهم لجمهور أوسع. تشير ألين بطارسة، المديرة التنفيذية للمجموعة، إلى أن المنصّة تعاونت منذ عام 2016 مع أكثر من 160 مساهِمًا ومتعاونًا مبدعًا. تشاركت المنصة في العمل مع هيومن رايتس ووتش على تقريرها سنة 2021 حول سياسات إسرائيل تجاه الفلسطينيين، بما في ذلك الشكاوى حول الاضطهاد والجرائم ضد الإنسانية، والذي تضمن رسوم إنفوغراف من إعداد Visualizing Palestine.
تقول “بطارسة” إنّ التحدي الأكبر الذي تواجهه المنصّة هو الوقوف بوجه الطريقة التي تمّ فيها تصوير الفلسطينيين في وسائل الإعلام ومحاولة تسليط الضوء على نضالهم اليومي. ومما يزيد من تعقيد هذه المسألة هو السرعة التي تتقادم فيها البيانات، لا سيما فيما يتعلق بالضربات الإسرائيلية المستمرّة في غزة. على سبيل المثال، سرعان ما أصبحت أرقام مشروع “صفر مساءلة” قديمة لأن تدمير البنية التحتية للرعاية الصحية في غزة جعل وزارة الصحة الفلسطينية غير قادرة على جمع أرقام دقيقة للضّحايا.
عندما تأسست Visualizing Palestine سنة 2012، كان سرد القصص باستخدام البيانات أداةً ناشئة في المنطقة، لا سيما في مجال التّواصل المجتمعي لتحقيق العدالة الاجتماعيّة. العمل الأول للمنصة تحت عنوان: “الإضراب عن الطعام” صوّر التّبعات الجسدية التي ألحقها الإضراب الطويل عن الطعام على السجناء الفلسطينيين، واكتسبت زخمًا كبيرا على وسائل التّواصل الاجتماعي. وتشير “بطارسة” إلى أن هذا “دلّ على وعد الإعلام الرقمي كمساحةٍ يمكن من خلالها سرد القصص الفلسطينية بطرق لم تكن ممكنةً من قبل”.
تقول “بطارسة”: “تصوير البيانات الذي تقدّمه Visualizing Palestine يلعب أدوارًا متعددة: الهدف من صورنا ليس فقط توثيق الرّوايات والتجارب الفلسطينيّة التي تحجبها السرديّات المهيمنة عمدًا، ولكن لدفع النّشطاء والطلاب والمعلمين على استخدام صورنا لأغراض التّعليم وزيادة الوعي والتنظيم”.
[خطوات العمل لدى Visualizing Palestine]
مراقبة تأثير الحرب باستخدام البيانات مفتوحة المصدر
“مشروع بيانات اليمن” مكوّن من مجموعة من الأكاديميين ومنظّمي حقوق الإنسان والنشطاء، ولكم يكن لدى المشروع في عاميه الأولين أيّ تمويل، وكان يدير كل شيء بميزانية محدودة لتسجيل بيانات الغارات الجوية منذ بدء حملة القصف السعوديّة في اليمن سنة 2015. أصبحت البيانات سجلاً مفصّلاً للحرب.
بعد أن أنهى مجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة في 2021 تفويضه للتحقيق في جرائم الحرب في اليمن، بسبب الضغط السعودي كما يُقال، زادت الضربات الجوية السعودية بشكل كبير. وثّق “مشروع بيانات اليمن”، مستفيدا من البيانات التاريخيًة، ارتفاعًا حادًا في معدلات الأضرار المدنية والخسائر في كل غارة، مما أنشأ علاقة مباشرة بين غياب الرقابة الدّوليّة والغارات الجويّة المكثّفة. أصبحت النتائج التي توصل إليها المشروع مصدرًا حاسمًا للأدلّة التي استشهد بها القانونيون ووسائل الإعلام عالميًا وفي قضية أمام المحكمة العليا في المملكة المتحدة، والتي أدّت إلى تعليق مبيعات الأسلحة البريطانية إلى المملكة العربية السعودية سنة 2019. تسلّط هذه القضية الضوء على الدّور الحاسم لصحافة البيانات في فضح أنماط العنف ومحاسبة الجهات الفاعلة القوية.
لم يكن الأمر كذلك حتى سلم “مشروع بيانات اليمن” بيانات الضربات الجوية إلى صحيفة الغارديان، حيث أمضى صحفيو الغارديان ثلاثة أشهر في البحث في مجموعة البيانات، وأظهر تحليل الغارات الجوية التي قادتها السعودية إلى أنها كانت تضرب باستمرار مواقع مدنية واقتصاديّة وثقافيّة.
“بين عشيّة وضحاها، ولد مشروع بيانات اليمن”، تقول “إيونا كريج”، وهي صحفيّة بريطانيّة مستقلّة تنطق باسم المشروع. “لولا ذلك التّقرير من صحيفة الغارديان، لما كان لمشروع بيانات اليمن وجود، وما كان من الممكن إحصاء وتسجيل القتلى المدنيين.”
يعتمد “مشروع بيانات اليمن” على جامعي البيانات والباحثين اليمنيين على الأرض حتى يقوموا بجمع المصادر المفتوحة، مثل جمع بيانات الخسائر المدنية. ولكن للحفاظ على أمن العاملين في اليمن، فإن كريغ هي الوجه العلني الوحيد للمشروع.
“ما زلت أقومُ برحلات صحفيّة إلى اليمن، مما يعني أنني معرّضة دائمًا للاحتجاز. ومع أن هذا قد يبدو غريبًا، إلا إنني ولهذا السبب، لا أعرف هويّة أفراد فريقنا في اليمن”.
تؤكد “كريج” على أهمية جامعي البيانات المطّلعين على تفاصيل الواقع المحلّي، الذين يفهمون تحيّزات المصادر ويمكنهم بدلاً من ذلك الاعتماد على مجموعة من الموادّ والمصادر المفتوحة. على الرغم من أنها طريقة غير مثاليّة لجمع البيانات إلا أنها آمنة ومتّسقة” كما توضح. “هذا يعني أن الحكومات أو السلطات التي لا تتسامح بالضرورة مع التّقارير النّاقدة أو الصحافة المستقلة قد تكون أقل اهتمامًا بجمع البيانات عندما تأتي البيانات كلّها من مصادر مفتوحة وعندما تكون البيانات المجموعة متاحة للعامّة.”
بالإضافة إلى أهمية إجراء بحث ميدانيّ، تسلّط “كريج” الضوء على أهمية استخدام منهجية تتماشى مع الممارسات الفضلى، وهذا هو السبب في أن “مشروع بيانات اليمن” عضو في شبكة مسجلّي الضحايا – وهي منصّة شهدت تطويرَ معايير تسجيل الضحايا، وأسهمت هذه المعايير مساهمةً مهمة في البحث العالمي حول تسجيل الإصابات، بما في ذلك دراسات عديدة للأمم المتّحدة.
تقول “كريج”: “تم إنشاء “مشروع بيانات اليمن” بهدف زيادة المساءلة وتعزيز الشفافيّة. تعتمد المساءلة في هذا السياق على سلامة بياناتنا”.
كما استخدمت بيانات “مشروع بيانات اليمن” في الأبحاث الأكاديمية ودراسات الصحّة العامّة والصّحافة الاستقصائيّة، وعلى الأخص في أبحاث مجلة لانسيت التي تربط الغارات الجوية بوباء الكوليرا في اليمن. ووجدت الدّراسة أن المناطق التي تشهد غارات جويّة متكررة يتضاعف فيها خطر تفشي الكوليرا، مما يدل على التأثير المدمر للحرب على الصحّة العامّة ويشكّل سابقةً لفهم انتشار الأمراض المرتبطة بالنزاع.
تقول “كريغ”: “لم يكن هذا البحث مهمًا لليمن فحسب، بل كان تحذيرا من الآثار الصحية على المدنيين سوط حملات القصف الممتدة”.

بيانات تفشي الكوليرا من مشروع بيانات اليمن، نُشرت في مقالة في مجلة لانسيت الطبية بعنوان: “العلاقة بين الغارات الجوية ومعدلات الإصابة بالكوليرا في اليمن، 2016-2019: دراسة نمذجة بيئية”. الصورة: لقطة شاشة، لانسيت.
العثور على الروابط المخفية
كانت شبكة “أريج” للصحافة الاستقصائيّة في طليعة الصحافة الاستقصائية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ تأسيسها سنة 2006. من خلال التدريب وتوفير الموارد ومنصة للعمل المشترك، تجهز أريج الصحفيين للكشف عن القصص التي تهمّ الجمهور، غالبًا في بيئات صعبة تتسم بالرقابة والضّغوط السياسيّة.
يوضح محمد كوماني، كبير محرري البيانات والمدرب في أريج، إن كانت الحكومة مفتقرة للشفافية وكانت المعلومات خاضعة للرقابة المشددة فهذا يعني عادةً أن البيانات المتاحة تتجزّأ وتتقادم، مما يؤدي إلى الاعتماد على مبادرات البيانات المفتوحة ومجموعات البيانات الدولية وتقنيات مثل كشف البيانات من الويب لبناء مجموعات البيانات من البداية.
“البيانات أداةٌ حيويةٌ في جهودنا للمساءلة. من خلال تحليل السجلات المالية والإنفاق الحكومي وإفصاحات الشركات عن ممتلكاتها وحتى البيانات المتعلّقة بحقوق الإنسان وقضايا النّوع الاجتماعي، يمكننا فضح الفساد وسوء الإدارة وتضارب المصالح”. “تساعدنا مجموعات البيانات التي نعمل معها على تحديد الروابط الخفيّة التي قد لا تنتبه إليها الصحافة التقليديّة.”
هناك أيضًا تركيز على فهم المشهد القانوني المحلي بالإضافة إلى تعزيز الأمن الرّقمي لحماية المصادر والبيانات. يعدّ النهج القائم على الأدلّة ومتعدد الأوجه الذي يتبعه “كوماني” وأريج أمرًا أساسيًا لدبلوم صحافة البيانات، حيث يجذب الدبلوم مئات الصحفيين كل عام. من موقعه، يزود “كوماني” الصّحفيين بالمهارات اللازمة للعمل في التّحقيقات القائمة على البيانات، ويرافقهم عبر خطِّ البيانات بأكمله ابتداءً من جمع البيانات وتنظيفها إلى تحليلها وتقديمها بشكل مرئي باستخدام أدوات مثل Excel / Google Sheets و Python و OpenRefine وأدوات التصوير مثل Tableau و Datawrapper و Flourish ، بالإضافة إلى طرق مثل البحث مفتوح المصدر.
ركز أحد التّحقيقات الأخيرة والأكثر تأثيرًا التي أجراها “كوماني” على تسريبات قائمة إريكسون – التي أجريت بالتّعاون مع الاتّحاد الدّولي للصحافيين الاستقصائيين وشركاء إعلاميين عالميين آخرين – والتي كشفت عن مزاعم الفساد والمدفوعات غير المشروعة من قبل شركة الاتصالات السويدية في مناطق النزاع، بما في ذلك العراق. وأشارت وثائق مسرّبة إلى أن موظفي إريكسون متورّطون في رشوة الجماعات المسلحة، بما في ذلك داعش، لتأمين الوصول إلى العمليات في المناطق الخاضعة لسيطرة المسلحين. وكشفت التقارير أن هذه المدفوعات قد تكون موّلت الإرهاب بشكل غير مباشر، مما أثار مخاوف جدية بشأن تواطؤ الشركات في انتهاكات حقوق الإنسان.
كما سلّط التّحقيق الضوء على فشل إريكسون في حماية المتعاقدين معها، الذين واجه بعضهم عمليات خطف وهجمات عنيفة بسبب إهمال الشركة. كان للكشف تداعيات كبيرة، مما أدى إلى تدقيق عالمي وتحقيقات قانونية وتزعزُع الوضع مالي لإريكسون، حيث حذر المحللون من أن أسهمها تخاطر بأن تصبح “أسهمًا لا يمكن الاستثمار بها”. وردًا على التحقيق، ذكرت إريكسون أنه تم تسريح العديد من الموظفين، وأنهت الشركة بعض العلاقات مع أطراف خارجية، وأنها “اتخذت عدداً من الإجراءات التأديبية وغيرها من الإجراءات التصحيحيّة” بعد تحقيقها في ما جرى في العراق.
ليسوا مجرد أرقام: إجبار الجمهور على التركيز
على مدار الشهور السبع عشرة الماضية، وضع AJ Labs – فريق سرد القصص المرئية في الجزيرة – حرب غزة في صميم تقاريرها، مع التركيز بشكل بارز على Know Their Names – وهي سلسلة مرئية تؤرخ لآلاف الأرواح التي أزهقت. نُشرت السلسلة على خمس مراحل، ووضعتْ وجهًا إنسانيا لخسائر الحرب، واستُخدمت البيانات لتسليط الضّوء على الأفراد والعائلات والأطفال والصحفيين في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية المحتلّة. لتجاوز مجرد الأرقام، قام الفريق بنسج شهادات الفيديو والرسوم المتحركة والرسومات، مما يضمن أن كل إحصائية تحمل ثِقَلَ قصةٍ شخصية.
“إن سرد قصة طفل ميت ليس أمرًا سهلاً أبدا”، بحسب “محمد حداد”، محرر AJ Labs. “ومع ذلك، عندما ترتفع الأعداد إلى عشرات الآلاف، يصبح من المستحيل تقريبًا فهمها. هناك دائمًا خوف من أن يصبح كلّ طفل مجرد إحصائيّة أخرى”.
https://x.com/ajenglish/status/1753401017469633010
وهنا تكمن أهمية أساليبِ السّرد الإبداعية وغير التقليدية، حيث لا تقدم المعلومات فحسب، بل تطالب الجمهور بالانتباه.
بالإضافة إلى إضفاء الطابع الإنساني على البيانات، لجأ الفريق بشكل متزايد إلى المعلومات الاستخباراتية مفتوحة المصدر، بما في ذلك صور الأقمار الصناعيّة. يقول حداد: “أود أن أقول إنه على مدار العامين الماضيين، وبالعمل مع وحدة تدقيق الحقائق لدينا “سند” اعتمد الفريق في AJ Labs بشكل متزايد على تحليل صور الأقمار الصناعية للإبلاغ عن قصص غزة والضفة الغربية المحتلة وسوريا ولبنان والسودان”.

صور أقمار صناعية تُظهر حجم الدمار في غزة بين يونيو/حزيران ٢٠٢٣ (يسار) ومايو/أيار ٢٠٢٤ (يمين). الصورة: لقطة شاشة، مختبرات AJ / مختبرات Planet PBC
بالنسبة إلى حداد، يعد الربط بين التقارير الميدانية والمنظور الجوي القائم على البيانات أمرًا ضروريًا، مما يضيف عمقًا وسياقًا وفهمًا أوسع للأحداث. ويرى أن المهارة الأهمّ لأي صحفي بيانات ليست فقط إتقان الأدوات، بل القدرة على التفكير النّقدي وتشكيل سرد مقنع.
“لقد وجدتُ أن صحفيي البيانات الشباب غالبًا ما يركّزون كثيرًا على محاولة تعلم الأدوات ولا يركزون بشكل كافٍ على كيفية تشكيل البيانات في سرد واضح، مما يؤدي إلى مخرجات تقدم المزيد من البيانات للقارئ بدلاً من سرد قصة مقنعة.”
بدلاً من ذلك، يرى حداد بأن التركيز يجب أن يكون على دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار، ليس كبديل للصحفيين ولكن كوسيلة لتبسيط العمل على البيانات.استكشف فريقه عن كثب تطبيقاتِ الذكاء الاصطناعي التي تعزّز الكفاءة في سرد قصص البيانات.
ويضيف: “أعلم أن الذكاء الاصطناعي هو محط الأنظار هذه الأيام، لكنني أعتقد أن صحفيي البيانات سيستفيدون منه كثيرًا، لا سيما لتنظيف البيانات ومعالجتها وإجراء مقابلاتها”.
نهج AJ Labs هو الالتزام بالتجاوب والمعرفة المحلية التي تخاطب الجمهور مباشرة. وخير مثال على ذلك هو مقالتهم الأخيرة، هل تساءلت يوما لماذا تبدو حدود إفريقيا غريبة جدًا؟، والتي ضربت على وتر حساس على وجه التّحديد لأنها حطمت السّياقات التاريخية والجيوسياسية التي تجعل القضايا المعقّدة في متناول الجميع وقريبة منهم ومفهومة بعمق حيث يمكن لرسم واحد أن يروي قصة كاملة.
“إننا نصمم رسوم الإنفوغراف بطريقة تجعلها تحكي قصة كاملة بمفردها حتى وإن كانت القصة مكثفة. عندما يُنظر إليها على أنها سلسلة، فإنها تقدم منظورًا أوسع، مما يساعد القراء على فهم القضايا العالميّة المعقدة بشكل أوضح”.