إعداد إمكانية الوصول

خيارات الألوان

لون أحادي لون باهت مظلم

أدوات القراءة

عزل حاكم

الرسم من تقدمة موفق قات لصالح الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية

القصص

“لا تتوقف عن التعلُّم يومًا”: تغطية أخبار اليمن بعيدًا عن العناوين الرئيسية

إقرأ هذه المقال في

لطالما كانت تغطية اليمن واحدة من أصعب وأهم مهام الصحافة الاستقصائيّة. إن سنوات الصّراع والاضطرابات السياسية تصعّبُ العثورَ على معلومات دقيقة عن اليمن تمثّل شعبها تمثيلا صحيحًا، وتزيد من الحاجة إلى مثل هذه المعلومات.

وهنا يأتي دور الصحفيين مثل نوال المقحفي. نشأت نوال المقحفي في اليمن، وقدّمت أفلامًا وثائقية عن اليمن والمنطقة لسنوات، وانضمت إلى بي بي سي نيوزنايت كمراسلة دولية سنة 2023.

بعد إنهاء دراستها في جامعة نوتنغهام، عادت المقحفي إلى اليمن سنة 2011، حيث صورت مقاطع فيديو للثورة اليمنيّة وأجرت مقابلة مع رئيس اليمن آنذاك علي عبد الله صالح.

على مرّ السنين، أنتجت المقحفي عددًا هائلاً من التّقارير والأفلام الوثائقية لهيئة الإذاعة البريطانية، حيث ركزت على قضايا بارزة مثل الأزمة الإنسانية في اليمن، وتفجير جنازة صنعاء الشهير، والتطوّرات السياسية مع الحوثيين، فضلاً عن جهود الحكومة اليمنيّة للتستُّر على حالات كوفيد-19.

رُشّحت المقحفي لجائزة أفضل موهبة شابة للعام من جمعية التلفزيون الملكية سنة 2018، وفاز فيلمها الوثائقي لعام 2019 بعنوان “تجارة الجنس السرية في العراق” بجائزتي إيمي للأخبار والأفلام الوثائقية. ثم حصلت على نفس الجائزة لتقاريرها التي تناولت جائحة فيروس كورونا في اليمن.

في هذه الأسئلة والأجوبة، وهي جزء من سلسلة المقابلات المستمرة التي تجريها GIJN مع كبار الصحفيين الاستقصائيين، تحدّثنا المقحفي عن أبرز التحديات التي واجهتها والنصائح التي تقدمها لأي صحفي يعتزم دخول هذا المجال.

GIJN: من بين جميع التحقيقات التي عملت عليها، أيّها المفضل لديك، ولماذا؟

نوال المقحفي: لا أعتقد أنني أستطيع اختيار تحقيق واحد باعتباره التّحقيق المفضّل لدي. لقد أخذني كل تقرير إلى أماكن رائعة، وعرّفني على أشخاص رائعين، وشكّل الطريقة التي أرى بها العالم بطرق مختلفة. لقد علّمني كل تحقيق شيئًا جديدًا.

ومع ذلك، فإن أكثر الأشياء التي أفخر بها هي تلك التي أدّت إلى تغيير وتأثير حقيقيين. على سبيل المثال، يبرز تحقيقنا في الاستغلال الجنسي للفتيات الصّغيرات في العراق من قبل رجال دين بارزين. بعد فترة وجيزة من نشره، أصدر أحد رجال الدين الأكثر نفوذًا في الإسلام الشيعي قرارًا جديدًا يحظر الزواج المؤقت من الفتيات الصغيرات.

هنالك تقريرٌ آخر هو “اليمن الجائع”. كانت العودة إلى الوطن ورؤيته ممزقًا بفعل الحرب أمرًا مؤلمًا، لكن هذا الفيلم أدّى إلى جمع 40 مليون جنيه إسترليني (51 مليون دولار أمريكي) من قبل لجنة طوارئ الكوارث في اليمن. في رحلتي اللاحقة، تمكنت من مقابلة نفس الأشخاص من الفيلم ورأيت كيف ساعدتهم هذه المعونة. هذا النّوع من التأثير هو الذي يجعلني أستمر.

GIJN: ما هي أكبر التحديات التي تواجهها الصحافة الاستقصائيّة في بلدك/منطقتك؟

نوال المقحفي: تغطية قضايا بلدك أمرٌ صعب للغاية، إذ لا يوجد فصلٌ بين العمل وحياتك الشخصية – لا يوجد مفرٌّ حقيقي بمجرد انتهاء التحقيق.

بالنسبة لي، أحد أصعب الجوانب هو تأثير عملي على عائلتي. اخترتُ أنا أن أكون صحفيّة، وأقبلُ المخاطر التي تأتي مع كل تحقيق أقوم به. ولكن عندما تُنشرُ قصة ويواجه والداي أو أفراد عائلتي مضايقات على الإنترنت أو عواقب أخرى بسبب عملي، يكون قبول ذلك أصعب بكثير.

أنا محظوظة بشكل لا يصدق لأن والديّ وعائلتي داعمون لي، لكنني ما زلت أشعر بالذنب عندما يتأثّرون سلبًا بشيء أبلغتُ عنه. هذا هو الجزء من الصحافة الاستقصائية الذي لا تقلّ صعوبته مع الأيام.

GIJN: ما هي أكبر عقبة/تحدٍّ واجهتِه في فترة عملك كصحفيّة استقصائيّة؟

نوال المقحفي: تترافق الصحافة الاستقصائية مع العديد من التحديات، ولكن واحدة من أكبر العقبات التي واجهتها هي ضمان سلامة المصادر والزملاء، خاصة في البيئات عالية الخطورة. سواء كان الأمر يتعلق بالرقابة أو التهديدات أو الصعوبات اللوجستية للتحقق من المعلومات في مناطق النزاع، فإن مسؤولية حماية أولئك الذين يثقون بك في قصصهم هائلة. اضطررت في بعض الحالات إلى الموازنة بين مخاطر نشر تحقيقات معينة، مع العلم أن نشر القصة قد يعرض الناس للخطر. إنه عمل أسعى فيه بشكل مستمر لتحقيق التوازن الأخلاقي – الضغط من أجل المساءلة مع ضمان عدم تعرّض أيّ شخص للأذى في هذه العمليّة.

GIJN: ما هي أفضل نصيحة لإجراء المقابلات؟

نوال المقحفي: إن كان علي أن أعطي نصيحة واحدة لإجراء المقابلات، فستكون نصيحتي: تقبل الصمت. اطرح سؤالك، وأفسح المجال للضيف حتى يجيب، ثم انتظر. في المقابلات الصعبة والعاطفية، يمكن أن تكون لحظات الصمت هذه أقوى من الكلمات، مما يفسح المجال لظهور العواطف الخام الصّرفة. في مقابلات المساءلة، يمكن أن يكون الصمت كاشفًا – فهو يجبر الشّخص الذي تتم مقابلته على مواجهة السؤال، وغالبًا ما تفصحُ لك تعبيرات وجهه أو لغة جسده أو تردده عن أكثر مما تفصح عنه إجابته الفعلية. قد يكون الأمر محرجًا، لكن الأمر يستحقّ العناء. وفي أسوأ الحالات، يمكنك دائمًا إزالة الصمت في المونتاج لاحقا.

GIJN: ما هي أداة الإبلاغ أو قاعدة البيانات أو التطبيق المفضل الذي تستخدمينه في تحقيقاتك؟

نوال المقحفي: بصراحة، كان LinkedIn أحد أكثر الموارد قيمة لتحقيقاتي. هنالك أدوات مفتوحة المصدر أكثر تقدمًا، إلا أنني أعود دائمًا إلى المنصات الأساسيّة. ساعدني LinkedIn في تعقب المصادر المهمة، والتحقق من تاريخ التوظيف، وربط النقاط بطرق لا يمكن لقواعد البيانات الأخرى في بعض الأحيان أن تقدّمها. ومع ذلك، أعتقد أنه يجب على كل صحفي استكشاف أدوات تحليل المعلومات مفتوحة المصدر – يمكن أن تكون منصات مثل Google Earth ومنصات التواصل الاجتماعي مثل Snapchat و Instagram وحتى قنوات Telegram مفيدةً إلا حدّ بعيد حسب نوع التّحقيق.

GIJN: ما هي أفضل نصيحة حصلت عليها في حياتك المهنية، وبماذا تنصحين الصحفيين العازمين على العمل في الاستقصاء؟

نوال المقحفي: أفضل نصيحة نُصحتها هي أنه لا يمكنك التوقف عن التعلم أبدًا. بغض النّظر عن عدد التحقيقات التي عملت عليها، فإن كل قصة جديدة تبدو وكأنها تبدأ من الصفر. يتطلّب كل تحقيق أدوات ومهارات ومقاربة مختلفة، وهناك دائمًا شيء جديد يجب اكتشافه. بالنسبة للصحفيين العازمين على العمل في الاستقصاء، أودّ أن أقول: لا تفقدوا فضولكم، وكونوا مثابرين، ولا تخافوا أبدًا من طلب المساعدة. ابنوا علاقات قوية مع الزملاء والمحررين والموجِّهين – نادرًا ما تكون الصحافة الاستقصائية جهدًا منفردًا، ووجود الأشخاص المناسبين من حولك يشكّل فرقًا كبيرًا.

GIJN: منْ يعجبك من الصحفيين ولماذا؟

نوال المقحفي: هناك الكثير من الصحفيين الذين يعجبونني، لكن في الوقت الحالي، أكنّ احترامًا كبيرًا للصحفيين المحليين العاملين في غزة. لقد واصلوا إعداد التقارير في ظل أبشع الظروف، وغالبًا ما يخاطرون بحياتهم لإبلاغ العالم بما يحدث. لقد كان هذا أحد أكثر الصراعات دمويةً للصحفيين في حياتنا، ومع ذلك فإنهم يستيقظون كل يوم ويستمرون في العمل. شجاعتهم وصمودهم والتزامهم بالحقيقة أمرٌ ملهمٌ إلى أبعد الحدود.

GIJN: ما هو أكبر خطأ ارتكبته، وما هي الدروس التي تعلمتها؟

نوال المقحفي: لحسن الحظ، لم أرتكب أية أخطاء كبيرة، وأعتقد أن هذا يرجع إلى حد كبير إلى أنني حظيت بامتياز العمل مع فرق رائعة قامت بإرشادي ودعمي. الصحافة الاستقصائية جهد تعاوني، ووجود زملاء يسائلون أفكارك، ويتحققون من صحة عملك، ويعطونك رأيًا ثانيًا أمر بالغ الأهمية. ومع ذلك، فقد تعلمت أهمية التحقق مرة أخرى من كل شيء، مهما كان صغيرًا. يمكن لأحد التفاصيل التي تم التغاضي عنها أن يغير الإطار الكامل للقصة، لذلك طورت عادة التشكيك في كل حقيقة وافتراض ومصدر حتى ينقلب الشك يقينًا.

GIJN: كيف تتجنبين الإرهاق الوظيفيّ؟

نوال المقحفي: أحاول بشكلٍ واعٍ أن أفصل نفسي عن جو العمل عندما أكون مع أطفالي. في الوقت الذي لا أعمل فيه، أبذل جهدًا واعيًا لوضع هاتفي وكمبيوتري المحمول جانبًا وأن أكون حاضرةً معهم بشكل كامل. في هذا النوع من العمل، من السهل أن تستهلكك القصة – فأنت تفكر فيها باستمرار، وتجري اتصالات، وتتحدّث مع المصادر التي قد تشارك أكثر اللحظات المروعة في حياتها. في كثير من الأحيان، لا تتناسب هذه المحادثات مع جدول زمني أنيق من الساعة 9 إلى الساعة 5 ، كما أنني أحافظ على علاقتي مع المصادر بعد فترة طويلة من بث التحقيق. ولكن حتى مع ذلك، أحرص على اقتطاع الوقت – على الأقل بضع ساعات في الأسبوع – حيث أقطع الاتصال تمامًا. الأمر ليس سهلاً دائمًا، لكنه ضروري.

GIJN: ما الجانب الذي يحبطك في الصحافة الاستقصائية، أو ما الجانب الذي تأملين أن يتغير في المستقبل؟

نوال المقحفي: واحدة من أكبر الإحباطات هي المعضلة الأخلاقية حول حماية الصحفيين المحليين. معظم التحقيقات مستحيلة بدون المعرفة العميقة والوصول الذي يوفره المراسلون المحليون، ومع ذلك، قد يعرّضهم بث تحقيق سري أو نشر تفاصيل معينة للخطر في بعض الأحيان. عندما يحدث ذلك، يجب أن تأتي سلامتهم أولا – حتى لو كان ذلك يعني وضع قصة على الرف. آمل أن يتم تخصيص المزيد من الموارد في المستقبل لحماية الصحفيين المحليين، سواء من خلال الحماية القانونية أو أموال الطوارئ أو برامج إعادة التوطين. عملهم لا يقدر بثمن، وهم يستحقون نفس المستوى من الأمن والدعم شأنهم في ذلك كشأن الصحفيين الدوليين.

إعادة نشر مقالتنا عبر الانترنت أوطباعة تحت رخصة النشاط الابداعي

إعادة نشر هذا المقال


Material from GIJN’s website is generally available for republication under a Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International license. Images usually are published under a different license, so we advise you to use alternatives or contact us regarding permission. Here are our full terms for republication. You must credit the author, link to the original story, and name GIJN as the first publisher. For any queries or to send us a courtesy republication note, write to hello@gijn.org.