

دليل الصحفي المستقل: (3) العقود والتفاوض
إقرأ هذه المقال في
الاعتبارات التّعاقديّة
ينبغي أن تشملَ عقود القصص الاستقصائيّة العديد من الأمور التي لا نحتاج إليها لو كان المقال عن القطط اللطيفة مثلاً.
هنالك بعض النّقاط العامّة إلى حد ما التي ينبغي التّركيز عليها، وتشمل:
– توضيح نطاق العمل وكيفيّة التعامل مع التغييرات.
– شروط الدّفع.
– من يملك الحقوق.
بالنسبة للصحافة الاستقصائيّة، هنالك بعض المواضيع التي تستحقُّ اهتمامًا خاصًا:
– كيفية الحصول على أجرٍ جيّد مقابل العمل على مشروعٍ كبير.
– التّعامل مع حقوق الملكيّة الفكريّة.
– كيفيّة تغطيّة التّكاليف غير المؤكّدة، مثل الحصول على الوثائق باستخدام قانون حق الحصول على المعلومة.
– ماذا سيحدث إذا لم ينجح المشروع؟
– ماذا سيحدث إذا ألغى النّاشر المشروع؟
– ما هي الحماية القانونية التي سيتمّ توفيرها للمؤلّف؟ (راجع القسم الخاصّ بتآمين المسؤولية الإعلامية).
– كيفية التّعامل مع التّأمين على المخاطر الشخصية؟ (راجع القسم الخاصّ بالتأمين الشخصي.)
– ما هي تدابير الحماية التي ينبغي توفيرها؟ (راجع القسم الخاصّ بالسلامة).
أنت بحاجةٍ إلى عقد
الأمر بديهيّ: أنت بحاجةٍ الى عقد.
إذا لم يكن لديك عقد “فإنّك تعرّضُ نفسك لعدم الدفع، وللمسؤوليّة، وللمشاكل القانونية محتملةِ الحدوث” بحسب ما أورد المدوّن الأمريكي “رايان روبنسون” في هذه النظرة العامة على أهميّة أن يكون لديك عقدٌ جيّد.
أما الكاتبة الأمريكيّة المستقلّة فكتبت على Medium سنة 2018: طبعًا أنت بحاجةٍ إلى عقد. هذا عقدي. خذوه!”.
ولكن للأسف، بالنسبة للكثير من الصحفيين المستقلين فإن كلمة “خذوه” تأتي من النّاشر، ثم يقول بعدها: أو اتركوه. (إمّا أن تقبل، أو ترفض).
ولكن التّفاوُض ممكن، إذا كان مبنيًا على معرفةٍ بالعناصر التي يجب أن تتوفّر في العقد. (كما يُوصي بعض الصحفيين المستقلين بتعلُّم مهارات التّفاوض الأساسية).
ما الأمور التي يجب أن تتوفّر في العقد؟
يمكننا أن نبدأ من الاتّفاق النموذجيّ للنّشر المستقلّ، الذي وضعه تحالف ACOS، وهي مجموعةٌ إعلاميّة دوليّة متخصّصة في قضايا السلامة الإعلامية، ومركز سايروس .ر فانس للعدالة الدوليّة في نيويورك. اطّلع أيضًا على هذه المناقشة للقضايا الرئيسية المنصوص عليها في اتفاقهم النموذجيّ، ونموذج للاتّفاق.
انتبه إلى أن الشروط التعاقديّة سوف تختلف باختلاف قوانين الولاية القضائيّة للنّاشرين.
هنال العديد من نماذج العقود على الإنترنت التي قد تكون مناسبةً لحالتك. حاول البحث باستخدام كلمات رئيسيّة مثل “عقود صحافة مستقلة نموذجية” (model freelance contracts) أو “اتّفاقية للكاتب المستقلّ” (freelance writer agreement)أو “عقد للكتابة المستقلّة” (freelance writing contract).
هنالك بعض النقاط العامّة التي يجب التركيز عليها. وتشمل في أكثر المستويات عمومية:
– توضيح نطاق العمل
– كيفية التّعامل مع التّغييرات
– شروط الدّفع
– من يملك الحقوق
نصيحة من الخبراء في مؤتمر GIJC19
تناولت لجنةٌ من الخبراء في المؤتمر العالميّ للصّحافة الاستقصائيّة لعام 2019 في هامبورغ، ألمانيا، موضوعَ تصميمِ العقود خصيصًا للصحفيين الاستقصائيين.
إحدى أبرز الخلاصات: رغم أن الدّفع مقابل عدد الكلمات إجراءٌ تشغيلي عاديّ، إلّا أنّه قد لا يكون مناسبًا للمشاريع الأطول، والتي تتطلّب الكثير من البحوث.
وبدلاً من الدفع مقابل عدد الكلمات، أوصى المتحدّثون التفاوَض على راتبٍ أسبوعيّ أو شهريّ مؤكَّد للوقت المخصّص للبحث مع مكافأة غير مؤكَّدة عند النّشر، وفقا لما كتب روان فيليب من GIJN .
وبحسب فيليب “يمكنك أن تشرح للنّاشر بأنّه لن يكون هناك حاجة لشرطٍ يمنع النّاشر من إلغاء القصّة، وأنّك قد تفكّر ببندٍ محدودٍ وبسيط لحقوق المؤلف. في أيّ عقد، احرص على ألّا تكون على المحكّ في ما يخصّ المسؤولية “.
يمكن أن تكون التفاصيل الأخرى مهمّة جدًا، مثل: متى سيدفع لك الناشر؟ عند قبول المادّة، أو لاحقًا، بعد أن يتمّ نشرها.
ماذا عن الدفع الجزئي مُقدمًا إذا كان من المرجّح أن يستغرق العمل الصحفيّ وقتًا طويلاً وأن تترتب عليه بعض النّفقات؟ في هذه الحالة، يوصي بعض الصحفيين المستقلّين بطلب الدّفع على مراحل، مرتبطة بإنجاز مهام محدّدة.
ماذا لو ألغى محررٌّ قصتَك الاستقصائية؟ هل ستتلقى دفعةً جزئية؟ فكّر بإضافة جملةٍ كهذه إلى العقد:
“إذا لم يتم قبول المادّة للنّشر في نهاية المطاف، سيتم دفع “رسم إلغاء” للصحفي بما نسبته 25٪ من الرسوم الأساسية”.
ضع في اعتبارك النّصائح التالية المتعلقة برسوم الإلغاء، المأخوذة من مقال منشورٍ سنة 2017 بقلم “أليكسندر كوردوفا”:
– فلتكن رسومِ الإلغاءِ التي تحدّدها معقولة. لا تحرق الجسور بينك وبين النّاشر!
– قم بتعديل الرسوم بشكلٍ يتماشى مع التقدّم الذي أحرزته في المشروع.
– فكّر باعتماد فترةٍ وجيزة بعد توقيع العقد معك حيث يمكن للعميل إلغاء طلبه دون أي غرامات.
التفاوض على الرّسوم للقصص الكبيرة
يعتقدُ “سكوت كارني“، وهو صحفي استقصائي وعالم أنثروبولوجيا كتبَ كتاب “الدّليل المستعجل للكتابة المستقلة”، أنّه من الممكن التّفاوض للحصول على أجور أعلى من المعتاد للقصص التي تحقق نجاحًا باهرًا.
في مقابلة مع Pacific Standard، قال “كارني”:
“إنّها مشكلةُ وجهةِ نظر عندما ينظرُ الكُتّاب إلى أعمالهم كسلعة. أعرف من تجربة، أنّك إن بعتَ عملك كقطعةٍ فنّية، فستتمكن فعليًا من بيعه مقابل أجرٍ أعلى. والحقيقة أنّه إن كانَ لديك شيءٌ يريدونه فعلًا فسوف تتمكّن من بيعه بسعر السوق. خذ مثلاً مقال Rolling Stone الذي أسقط الجنرال “ماكريستال” كان بإمكان الصّحفيّ بيع تلك القصّة بمئات الآلاف من الدولارات لأن هذا كان سعر السوق، ولكنه باعها على الأغلب مقابل دولارين للكلمة”.
ما هي نصائح “كارني” حول التّفاوض؟
“يجب أن تتعامل مع عملك على أنّه شيء مميّز. تمكّنت من التّفاوض على العقود. تمكّنت من استرداد الحقوق. تمكّنت من الحصول على أجور أعلى عموما لعملي برفض الكثير من الأعمال. أنا أكتب مادةً أو مادّتين فقط في السنة، وهذا يكفيني. لأنني أبيعها بسعر أعلى. أحتفظ بالحقوق وأعيد بيع المقال في الأسواق الخارجيّة. أقوم بإلقاء المحاضرات، وأبيع الكتب”.
الحفاظ على الحقوق: أولوية
الحفاظ على حقوق الملكية الفكريّة القصوى لقصّتك هو هدفٌ معتَرفٌ به على نطاقٍ واسع، وصراع، وله أهميّة خاصّة في القصص الكبرى.
يجب أن يوضّح العقد الحقوق التي يحصل عليها النّاشر، والتي يحصل عليها الكاتب. تختلف قوانين حقوق المؤلّف على الصعيد الدولي، كما يختلف بحثك أيضًا.
يقول “جاك ديفيز”، الذي كتب مقالاً لمجلة كولومبيا للصحافة لعام 2018 حول “انتزاع الحقوق”، إن الناشرين “أصبحوا أكثر عدوانيّة”. ووجد ديفيز أنّ المؤسسات الصحفيّة على اختلاف أنواعها “تطالب بالحقوق المعنوية والفكرية الكاملة لعمل الصحفيين المستقلين”.
وكتب ديفيز أنهم يريدون عقوداً “تمنع الصحفيين المستقلين من ترخيص أعمالهم بحيث تُنشر لدى مؤسسات متعددة، أو الاستفادة من الترجمات، أو حتى من تُبنى عليها كُتب أو أفلام، مما يحدّ من خياراتهم لتغذية دخلهم المتضائل”.
إحدى الطرق للتفكير في الحقوق التي ينبغي عليك الاحتفاظ بها هي تخيُّل طرق الاستفادة الأخرى المتاحة أمامك. و فيما يلي بعض الأسئلة التي يجب أن تفكر بها:
– هل ينبغي أن تمتلك حقوقَ الأفلام والبودكاست وغيرها من المنتجات المبنيّة على عملك؟
– هل يمكن أن يُباع عملك بلغةٍ أخرى؟
– هل يمكنك نشر المادّة على موقعك الخاص؟
– هل يحتفظ المشتري بحقوق الطبع والنشر إلى الأبد أو لفترة زمنيّة محدّدة؟
هنالك تحذيرٌ عامّ على موقع “حافظ على حقوق المؤلّف الخاصّة بك” من قِبل كليّة الحقوق في جامعة كولومبيا، والذي يقدّم لمحة عامّة عن القانون الأمريكي. يحذّر الموقع:
“إذا كنتَ سلبيًا، فقد تنتج مجموعةً كبيرةً من الأعمال على مدى حياتك المهنيّة الإبداعيّة الطويلة، وستجدُ أن معظمها مملوكٌ وتحت سيطرة أشخاص آخرين، قد تحتلف مصالحهم عن مصالحك”