إعداد إمكانية الوصول

خيارات الألوان

لون أحادي لون باهت مظلم

أدوات القراءة

عزل حاكم

القصص

من العلاقات إلى الترتيب: زوايا لقصص صحافة البيانات

English 

غالباً ما أتحدّث أثناء تدريسي لصحافة البيانات عن أنواعٍ شائعةٍ من القصص التي يمكن العثور عليها في مجموع

البيانات(datasets). لذا فكرت في أخذ 100 مادّة من صحافة البيانات وتحليلها لمعرفة ما إذا كان من الممكن تحديد عدد المرات التي يتم فيها استخدام كل زاوية من هذه الزوايا.

وجدت أن هنالك في الواقع سبع زوايا أساسية تُستخدم في قصص صحافة البيانات. العديد القصص قد تدمج زوايا أخرى كأبعادٍ ثانوية أثناء رواية القصة (قصةُ “تغيير” قد تتحدّث أيضًا عن حجم شيءٍ ما، على سبيل المثال)، ولكن جميع قصص صحافة البيانات التي راجعتُها بُنيت على واحدة من هذه الزوايا.

سأتحدّث عم الطريقة التي يمكن من خلالها للزوايا الأشهر أن تساعدك في وضعِ أفكارٍ لقصتك، والأساليب المتنوعة لاستخدام هذه الزوايا، والأمور التي يجب أن تأخذها بعين الاعتبار.

زاوية البيانات الأولى: الحجم – هذا هو حجم المشكلة

ولعل النوع الأكثر انتشاراً بين قصص صحافة البيانات هي القصص التي تتناول “حجم القضية”. هذه  القصص تتناول مشكلةً كبيرة، أو حجمَ القضية التي أصبحت مدارَ الحديث.

في أبسط أشكالها، يمكن لقصص الحجم أن تقدّم تحديثًا  على إحصائيات جديدة تمّ الإعلان عنها: يمكن أن تكون أحدث إحصائيات البطالة،  ونِسَب الجريمة،وتلوث الهواء، والمال الذي يُنفق على بعض المناطق، والولادات، والوفيات، أو عقود الزواج.

أثناء الأشهر الأولى من الجائحة، على سبيل المثال، كنا نرى قصصًا يومية عن أعداد الحالات والوفيات والفحوصات وغيرها من الأمور.

وتشمل الأمثلة على قصص الحجم “دراسة تقدّر أن حصيلة وفيات كورونا في دور الرعاية في المملكة المتحدة من فيروس كورونا قد يبلغ 6000” ولكن أيضا قصص مثل  “رفض مخطط لمراجعة أحكام مُخفّفة دون مبرر”  حيث تستند القصة الصحفية على رد فعل على حجم قضية قمت بتقديمها.

في بعض الأحيان يتم تقديم حجم القضيّة كخلفية  لقصة قائمة على حدث واحد، كما هو الحال في “الدرونز تتسبب بتعطيل مطار غاتويك”  (كم عدد الأخطاء القريبة؟) أو لاقتراح سياسة، كما هو الحال في ” بحسب الوزراء: يمكن منع السائقين الجدد من القيادة في الليل“(كم عدد السائقين الجدد تحت سن 19).

قصص الحجم من أسهل أنواع قصص البيانات لأنها لا تحتاج إلى إجراء حساباتٍ في أغلب الحالات.

توضح هذه المقالة لصحيفة نيويورك تايمز عدد الوفيات خلال الوباء. لقطة شاشة.

العمل المهمّ في قصة الحجم هو بناء السياق  الذي سنفهم من خلاله حجم القضية، وفي أسوأ حالاتها: تكون قصة الحجم قصةً تتمحور حول “رقم كبير” (“أنفقت مبالغ طائلة على موضوع معيّن” أو “شيء ما حدث للكثير من الناس”) ، ويتوه القارئ حينها دون أن يدرك إن كان للموضوع أهمية إخبارية أو أنّه أمرٌ عاديّ.

ولهذا السبب، من المهم وضع المشكلة ضمن سياقها باستخدام النِّسب  أو النِّسب المئوية (مثل “واحد من كل خمسة”) أو المقارنات والقياسات (“الأموال المُنفقة على هذا المخطط تعادل رواتب 500 معلم”).

يمكن أن توظّف التغيير و/أو التباين كزاوية ثانوية:  وضع سياق تاريخي لحجم المشكلة الذي وضعته، أو كيف يختلف حجم المشكلة.

في مقالة النيويورك تايمز الموجودة أعلاه، تمّ وضع “الحصيلة الحقيقية” (حجم) لتفشي فيروس كورونا في سياقه على الفور بواسطة الرسوم البيانية التي تُظهر كيف تغيّر الوضع منذ بداية العام، في أجزاء مختلفة من البلاد.

زاوية البيانات الثانية: التّغيير والثبات – الأمور تتصاعد، الأمور تتراجع، الأمور لا تحدث 

قصص التغيير شائعةٌ مثلَ قصص الحجم تقريباً — ولعلها تتناول الفكرة الرئيسية للمادة بشكل أكثر مباشرة

بالمحصّلة: التّغيير بطبيعته يحمل قيمةً إخبارية ويستخدم أفعالًا مثل (“ارتفع”، “هبط”، “تصاعد”) التي تحتاج إليها في العنوان.

بمجرد أن لاحظتَ تغييرًا ما في بياناتك، فمن المحتمل أنك ستحتاج إلى مزيد من الاستقصاء للإجابة على سؤال :لماذا؟ لماذا ترتفع هذه الأرقام أو تنخفض؟

يمكنك أيضًا إضافة زاوية ثانوية إلى قصتك التي تستكشف التباين  في هذا الاتجاه – أين ارتفعت هذه الأرقام أو انخفضت؛ أعلى وأخفض ما وصلت إليه الأرقام.

يمكن لهذه المعلومات أن تساعدك على توجيه بحثك للإجابة على سؤال “لماذا؟” لأن هناك احتمالات أن المناطق الأكثر تضرُّرًا ستكون الأكثر وعيًا بالمسألة، وستكون قادرة على التعليق عليها.

هذه القصة من صحيفة “بلفاست تلغراف” توضح قوةَ زاويةِ الـ”تغيير”. لقطه.

عند الكتابة عن التغيير، من المهم الانتباه إلى أمرين: الموسمية  وهامش الخطأ.

الموسميّة هي الدّور الذي يمكن أن تلعبه العوامل الموسميّة على الأرقام (عادةً ما تكون طبيعيّة ويمكن التنبؤ بها، وبالتالي ليس لها قيمة إخباريّة)، مثل نهاية السنة المالية أو الفصل الدراسي، أو إطلاق السيارات الجديدة، أو ببساطة تغيُّر درجات الحرارة. وغالبا ما تستخدم المقارنات على أساس سنوي (آب/أغسطس هذه السنة مقارنةً  بآب/أغسطس الماضي، على سبيل المثال) أو التعديل الموسمي  لمنع هذا التأثير.

أما هامش الخطأ فهو النطاق الذي تكمن فيه الأرقام الحقيقيّة. لأن العديد من مجموعات البيانات تستند إلى  عيّنات يتم بعد ذلك تعميمها على بقية السكان الذين تتمّ دراستهم، يُستخدم هامش خطأ (أو فاصل ثقة) للإشارة إلى مدى دقة هذا التعميم. إذا كان أيّ تغييرِ واقعًا ضمن هامش الخطأ هذا، لا يمكننا أن نكتب أن أيّ شيء قد تغيّر.

التباين في قصّة التّغيير هو زاوية “عدم وجود تغيير”. هذه القصة عن إعسار الشركات، على سبيل المثال، تبحث عن التغيير في المكان الذي تتوقعه فيه، ولكنها توصلت إلى عدم وجود أي زيادة في الشركات التي أفلست أثناء الجائحة وتسعى للحصول على تعليقٍ من خبير لهذه النتيجة المخالِفة للمتوقّع.

زاوية البيانات الثالثة: الترتيب و القيَم الاستثنائيّة – من الأفضل ومن الأسوأ؟ من هو الاستثنائي ولماذا؟

تدور قصص الترتيب حول الأسوأ أو الأفضل في مجموعة بيانات، أو المقارنة بين كيان مهم وغيره (الشرطة المحلية أو المدارس أو الفرق الرياضية أو قطاع ما إذا كانت الصحافة متخصصة).

وقد تشمل القصص في هذه الفئة “منطقة محلية ضمن أسوأ المناطق من حيث نسبة الجريمة” أو “مدرسة محلية من بين الأفضل في البلاد”.

قد تركز على الأماكن “الأكثر تضرراً”، كما هو الحال في“أجزاء من برمنغهام ضمن المناطق العشرة الأكثر تضرراً في المملكة المتحدة من دفعات Universal Credit،أو قد تجري مقارنة بين قطاعك وغيره من القطاعات كما هو الحال في “قطاع البناء هو ثالث أخطر قطاع في المملكة المتحدة.”

هذه المادة من ذا أيكونومسيت  هي قصة “ترتيب” لأنها تتناول الشهر “الأكثر كآبة”. لقطة شاشة

ولكن يمكن أن تكون قصص الترتيب أيضًا حول أفضل أو أسوأ الأوقات أو الأماكن أو الفئات التي تكشف عنها مجموعة البيانات.

مادة  The Economist أعلاه تتناول الشّهر الذي يستمع فيه الناس إلى أغانٍ حزينة أكثر من سواه. كما تناولت قصة Birmingham Live “الجرائم الأكثر شيوعا في ساندويل – المكان الذي ستكون فيه أكثر عرضة للوقوع ضحية للجريمة.”

زاوية البيانات الرابعة: التباين — يانصيب الرمز البريدي والخرائط والتوزيعات

قصص التباين تنجح أكثر عندما نتوقع المساواة في المعاملة، أو عندما نسعى إلى إلقاء الصوء على ناحية من نواحي الحياة.

يستخدم المثال الكلاسيكي خريطة choropleth (خريطة تستخدم التدرّجات اللونية) أو خريطة حرارية  لإظهار التباين في الحصول على شيء ما بين منطقة وأخرى، أو الطلب على شيء ما بالمقارنة مع مناطق أخرى.

على سبيل المثال، تعكس عبارة “يانصيب الرمز البريدي”، حقيقة أن بعض الأمور -التي ينبغي أن تتوزّع بعدالة- محكومةٌ في الحقيقة بالمكان الذي تقطن فيه وهو أمرٌ وليد الصدفة.

وحدة البيانات لدى البي بي سي أنتجت قصة “التلقيح الصناعي: المؤمَّنون تأمينًا حكوميًا يواجهون تقنينًا اجتماعيًا”. قدّمت القصة خرائط تبيّن كيف يمكن لمكان سكنك في إنجلترا أن يؤثر على قدرتك على الحصول على علاج الخصوبة.

قد تكشف قصة التباين عن وجود الظلم، وإذا كان الناس مدركين لوقوع هذا الظلم فكيف وأين تظهر آثاره (خاصة في منطقتهم).

غالبا ما تكون قصص المساءلة الحسابية  (Algorithmic accountability)  مثل سلسلة ProPublica للتحيز الآلي حول التباين والظلم الذي يتم اكتشافه عندما يتم إلغاء اختيار خوارزمية. قد يؤدّي إلى ًدار أحكام مختلفة بحق الناس، أو إعطاء أسعار تأمين مختلفة، على الرغم من عدم وجود فروق حقيقية بينهم في الأبعاد ذات الأهمية.

كما يمكن استخدام قصة التباين لتسليط الضوء على المطالب التي لا تُلبّى، أو نقص العرض. عملت على قصة مع وحدة البيانات المشتركة لهيئة الإذاعة البريطانية حول نقاط شحن السيارات الكهربائية شملت دراسة  البنية التحتية الموجودة في البلاد ومواقعها. والصورة التي رسمتها البيانات توفر أساسًا لدراسة الحالات وردات الفعل.

زاوية البيانات الخامسة: الاستكشاف: الأدوات والتفاعل والفن

القصص ذات الزوايا الاستكشافية غالبًا ما تلائم طبيعة الإنترنت. تكمن نقطة قوتها في الدعوة للقيام بشيء ما مثل “استكشف” أو “العب” أو “خذ الاختبار”.  كما يمكن أن تبيع شمولية التّحليل حسب الطريقة التي تمّ فيها رسمها”، أو وثائق “كل “كذا” قد حدث على الإطلاق”، أو ببساطة الإجابة على سؤال: “من/ كيف / أين”.

وغالبا ما يتم دعوة القراء لاستكشاف البيانات في قصة توضيحية لإنشاء نسخة شخصية  منها، مثل اختبارات (كويزات)  هيئة الإذاعة البريطانية “7 مليار شخص وأنت: ما هو رقمك؟” واختيار نيويورك تايمز “أجرِ هذا الاختبار : هل يمكن أن تتدبّر أمورك كأمريكيّ فقير؟”   خرائط تفاعليّة مثل LA Times “كل الكرات التي رماها كوبي براينت.  كراته الـ 30,699 الكاملة .”

أصبحت هذه القصة التفاعلية لصحيفة نيويورك تايمز واحدة من قصصهم الأكثر قراءة على الإطلاق. لقطة شاشة.

تشمل هذه الفئة نماذج المحاكاة كالنموذج الذي قدّمته صحيفة واشنطن بوست وحقق أرقامًا قياسيّة “لماذا ينتشر فيروس كورونا انتشاراً طرديًا وكيف يمكننا تسطيح المنحنى” وقصة Matt Korostoff  “الثروة على مقياس الرسم” ، بالإضافة إلى الألعاب،  والآلات الحاسبة، وروبوتات الدردشة ( chatbots) وغيرها.

لا يجب أن تكون القصص الاستكشافية تفاعلية: مثل قصة الغارديان الاستكشافية “من يموت بالكورونا وفي أيّ مناطق؟ ” التي قدّمت رؤية واسعة وخريطة ثابتة، ولكنها ليست تفاعلية، وقصة بلومبرغ المصوّرة الممتازة “كيف يموت الأمريكيون” تتيح مجالاً محدودًا للتفاعل مع الرسوم البيانية ولكنها قصصٌ يسيطر عليها المؤلف.

كما يمكن أن تكون القصص غريبةً أو حتى شكلًا من أشكال الفن. “الحب الحلو: لو صارت أغاني الزفاف الشهيرة  كعكًا. كانت هذه القصة استكشافًا لما يحدث عندما يتم التعامل مع قوائم تشغيل الأغنيات كبيانات ويتم تقديم البيانات بصريًا بطريقة معينة.

زاوية البيانات السادسة: العلاقات ودحضها: عندما تكون الأمور مرتبطة ببعضها، وعندما لا تكون كذلك

غالباً ما يسعى الصحفيون إلى إيجاد علاقات  من خلال النّظر إلى البيانات، ولكن هذا يمكن أن يكون إشكاليًا: فالارتباط بين أمرين لا يعني بالضرورة أن بينهما علاقة سببيّة، لذا على الرغم من أن شيئين قد يرتفعان أو ينخفضان في نفس الوقت فهذا لا يعني أن الأمرين مرتبطان ببعضهما – ومثال على ذلك قصة صحيفة الغارديان “هل ارتفاع جرائم العنف ناجمٌ عن تخفيض ميزانيات شرطة الأحياء؟ “.

ولهذا قد ترى في كثير من الأحيان قصصًا تدحض العلاقة بين نقطتين مأخوذتين من البيانات، كما سترى من يحاول إثبات أن “س” هو السّبب وراء “ص”.

على سبيل المثال، قام برنامج Fact Check الذي تبثه القناة الرابعة بمراجعة البيانات للإجابة على السؤال التالي: “هل المهاجرون هم السبب في أزمة أقسام الطوارئ في المستشفيات؟ ” ولم يجد أي علاقة بين حجم السكان غير البريطانيين في منطقةٍ ما والأداء قسم الطوارئ فيها.

التعقيد الذي ينطوي عليه الأمر في أيّ قصة ذات زاوية “علاقة” ستكون فصةً توضيحيّةً  على الأغلب أو ينبغي أن تكون توضيحية من أجل الإبلاغ عن المحاذير التي تنطوي عليها القصّة.

فيديو “كيف يمكن للهوس بملكية البيوت أن يدمر الاقتصاد” الذي أعدّته The Economist يمضي أكثر من 12 دقيقة في استكشاف العلاقة بين هذين المتغيّرين بدلاً من عرض القصة على أنها ادّعاء بسيط بأن ملكية المساكن تدمّر الاقتصاد فعلاً.

قصص العلاقة لا يجب أن تكون عن الترابط. تحليل الشبكة يوفّر لنا طريقة أخرى لرواية القصص المستندة إلى علاقات ثابتة واقعيًا مثل التبرّعات أو الإدارة أو الروابط العائلية أوالمتابعة على وسائل التواصل الاجتماعي أو أشكال التّفاعل الأخرى.

مشروع “التحقيق في الباب غوغل الدوّار”،على سبيل المثال، يستخدم البيانات لفضح أعداد الأشخاص الذين يتنقلون بين عمالقة التكنولوجيا والهيئات الحكومية، في حين أن قصّة The Seattle Times   في سياتل: النساء يتسيّدن المشهد الفنّي “ استخدمت تصويرا بصريًا للرسوم البيانية لسرد قصة الروابط داخل المشهد الفني المحلي (بُني الرسم البياني من خلال سؤال النساء “في المجتمع الفني في منطقة سياتل عن المرشدين والمتعاونين والأقران الذين أثروا على حياتهنّ المهنيّة.”)

هذه القصة من سياتل تايمز  تشرح لك الروابط ضمن شبكة محلية ولكن تمكّنك من استكشافها. لقطة شاشة.

ولكن حتى تحليل الشبكة قد يفتقر إلى التماسك: فالصلة بين شخصين أو التنقل بين المنظمات نادراً ما يكون دليلاً على الفساد أو سببًا للاشتباه في القرارات.

لهذا السبب يتم تقديم تحليل الشبكة في كثير من الأحيان كقصة استكشافية (“التبرعات السياسية الأسترالية 2016-2017: من تبرّع بماذا للأحزاب السياسية”)، وكجزء من مادة تفسيرية (“إمبراطورية شركات فرقة Radiohead: بين دولارات وسنتات الفرقة”) ، أو يتم استخدام العملية لتحديد نقطة بيانات واحدة استنادًا إلى علاقاتها والذي يوفّر معلومات تمكننا من المضي قدمًا في البحث (“علاقة عائلية تربط بين توب توري ومصرفيّ من الخارجّ أعطى الحزب £800,000“).

العديد من القصص المأخوذة من أوراق بنما تندرج تحت هذه الفئة، المادة التي أعدّها التحالف الدولي للصحافة الاستقصائية ICIJ   اللاعبون الأقوياء قائمٌ زاوية استكشافية تتناول القصص المختلفة التي كشفتها أوراق بنما.

تعدّ مادّة رويترز الصين المتّصلة  واحدة من أفضل الأمثلة على التعامل مع تحديات رواية القصص القائمة على الشبكات، حيث تقودك المادّة بعناية من خلال هياكل السلطة التي رسمتها وتسمح لك باستكشاف المحتوى.

زاوية البيانات السابعة: المشاكل والحلول: البيانات السيّئة، عدم توفّر البيانات، وقصص الحصول على البيانات

قد تبدو الفئة الأخيرة وكأنها مرتبطة بالميتا داتا. قصص عن البيانات نفسها: عدم وجودها، أو المشاكل معها، أو ببساطة: توافر البيانات  – ولكن هذا لا يعني أنها قد لا تكون قصّة جيّدة.

قصص البيانات السيئة يمكن أن تكون مهمة إلا حدّ بعيد: تُمارَس السلطة، ويُنفق المال، وتتأثر حياة النّاس على أساس البيانات، لذلك إن كانت البيانات مَعيبة فعلى الأغلب أن ممارسة السلطة مَعيبة أيضًا. قصص المساءلة الخوارزمية  قد تعتمد أيضًا على البيانات المعيبة التي تقوم عليها تلك الخوارزميات، كما هو الحال في قصة صحيفة دير شبيغل “مخاطر متزايدة”،وكالة الائتمان المرجعية Schufa “تعرف أقل بكثير عن كثير من الناس مما نظنّ – ومع تجرؤ على حساب علامةٍ دقيقة.”

وكثيرًا ما تشكّل البيانات أساسًا للادّعاءات السياسية بالنجاح أو اتهامات الفشل،  لذلك إذا كانت الشرطة لا تبلغ عن كل الجرائم، وإن كانت دولة قد ضربها الإعصار لا تبلغ بشكل دقيق عن الوفيات،وإن كانت دولة تعتبر الفحوصات المرْسلة أنها فحوصات أُجريت، فنحن نواجه خطورة أن يقدّم  المسؤولون  ادّعاءات كاذبة دون أن يدحضها أحد.

هذه القصة من (تامبا بي تايمز) تشير إلى عيوب في البيانات الرسمية. لقطة شاشة.

يمكن أن تأتي أفكارٌ لقصةِ بيانات سيئة من تلك المطالبات. من الاستماع إلى شخص كان يعمل في النظام وبات يعرف ثغراته، أو من مجرد التدقيق في البيانات الموجودة للوصول إلى المميزات الإشكالية: قصة الغارديان هذه عن بيانات التشرد بوصفها “لا تصلح لهذا الغرض”. و هذا المقال من بي بي سي عن المخاوف بشأن بيانات الأجور بين الجنسين  من الصحفيين لاحظوا مؤشرات تدلّ على وجود خلل في البيانات.

ويمكن أيضا أن نصل إلى قصصِ متابَعة حيث يتم البحث عن بيانات أفضل من خلال مصادر بديلة، كما هو الحال في هذه القصة عن أرقام التشرد أعدّها زميلي في البي بي سي “دان وينرايت“.

ومن مشاكل البيانات أيضًا  قصة عدم توفُّر البيانات:  فغالباً ما يدلّ نقصُ البياناتِ حول مسألةٍ ما عن قلة الاهتمام السياسي بها، أو عدم وجود إرادة لمعالجتها.

وعادة ما تشير قصص “عدم وجود البيانات” إلى المخاوف التي تثار  بشأن الافتقار إلى المعلومات أو الشفافية.

تحقيق BMJ “هل تغضّ كليات الطبّ الطّرف عن العنصريّة؟ على سبيل المثال، يبدأ بالجملة التالية: “كليات الطب في المملكة المتحدة ليست جاهزة للتّعامل مع العنصريّة والمضايقات العنصريّة التي يعاني منها الطلاب المنتمون لأقليات عرقية”، في حين توصّل  تحقيقُ BIJ  عن الانبعاثات الزراعية إلى أن “الحكومة تراقب فقط انبعاثات الأمونيا من أكبر مزارع الدواجن والخنازير المكثفة، متجاهلين أكبر الملوثين وهي مزارع لحوم البقر والألبان”.

إذا كانت البيانات المفقودة نشرت سابقًا  فقد تركّز القصة على قرار وقف  النشر (مثل قصة The Tampa Bay Times “كان الفاحصون في فلوريدا الطبيين يعلون بيانات عن وفيات فايروس كورونا. الدولة أوقفتهم”)، وأحيانا يمكن أن يكون الأساس لمقالة افتتاحيّة, كهذه من جريدة   The Chicago Reporter

نقصُ البيانات قد يدفع أحياناً بالمؤسسة إخبارية أو الصحفي أو الناشط إلى تجميع بيانات خاصة بهم – وحينها يصبح لدينا  قصة عن الحصول على البيانات.

حاول مشروع (فاتال فورس)  في صحيفة واشنطن بوست سد الفجوة البيانات حول إطلاق النار من قِبل الشرطة. لقطة شاشة.

ولعلّ أشهر الأمثلة على هذه – قصة الغارديان المعدودون  ومشروع الواشنطن بوست القوة القاتلة . تتناول قصص الناس الذين قتلوا على يد قوات إنفاذ القانون، ولقد كتبت سابقًا عن أمثلة مشابهة مثل صوت(إعطاء صوت لمن لا صوت لهم (حرفيًا): صحافة البيانات والقتلى.”

ويركز آخرون على النشطاء الذين يحاولون حلّ المشكلة، في ما يمكن أن تصبح قصة إنسانية، ولدينا مثالان حديثان: “لاأحد يتتبع بدقة العاملين في قطاع الصحة الذين ماتوا بسبب كوفيد-19. لذلك تسهر الليل حتى تدوّن بيانات الموتى”  من قِبل ProPublica  وهذه القصة عن المبرمجين البرازيليين الذين بنوا حسابات بديلة للكوفيد 19.

قصص الحصول على البيانات لا يجب أن تكون طموحة جدا أو شخصية. في أوائل العقد الأخير كانت الأسطر الأولى من العديد من القصص في صحيفة الجارديان Datablog عبارة عن دعوة للـ”حصول على البيانات” بعد أن فتحوا مجموعات بيانات كانوا قد وجدوها ونظفوها أو جمّعوها.

وبطبيعة الحال، فإن إتاحة البيانات لم تعد أمرًا جديدًا على امتداد العقد الماضي، وقام بعض الصحفيين بوضع بياناتهم على GitHub بدلاً من كتابة مقال حول الموضوع.

لعديد من قصص (جارديان بلوغ ) دعت القراء إلى “الحصول على البيانات”. لقطة شاشة.

ولكن إذا كنت قد حصلت على بعض البيانات المثيرة للاهتمام وكانت غير متوفرة في أماكن أخرى — على سبيل المثال من خلال الجمع بين مجموعات البيانات المتعددة، أو استخدام طلبات حق الحصول على المعلومة، أو كشط البيانات – فهنالك قيمة كبيرة من فتح كل هذا أمام جمهورك كعملٍ لبناء العلاقات – وفي أفضل الحالات – بناء المجتمع.

النقطة التي يجب تذكرها هنا هي أنه إذا كنت ترغب في بناء مجتمع، فإن البيانات وحدها لن تقوم بالعمل نيابةً عنك: فالتفاعل مع المتعاونين المحتَملين (على سبيل المثال من خلال تنظيم أيام للاختراق Hack days) فمن المرجّح أنهم سيبنون على عملك القيّم.

زاوية أخرى: البحث عن قصص من خلال البيانات وليس في البيانات

بعد أن رسمت هذه الزوايا السبعة للقصص المستندة على البيانات، يجدر التأكيد على أن هناك نوعًا آخر من القصص التي لا يمكن لأيّ من هذه الزوايا أن تغطيها: القصص التي تكون فيها البيانات هي الوسيلة التي يتم من خلالها الكشف عن مقابلة أو حدث أو وثيقة أو علاقة أو تسليط الضوء عليها، مما يمكّن الصحفيّ من العثور على القصة وراء ذلك.

قد تسمي هذه نقطة بيانات واحدة  أو قصة الإبرة في كومة قش.

تحدّثت في إدراج سابق عن بعض هذه التقنيات، من مقابلات الأفراد المتصلة بنقطة بيانات واحدة (على سبيل المثال شخص يدير كنيسة في أقلّ مدن المملكة المتحدة تدينًا)، إلى السعي للحصول على تحديث من منظمة مسؤولة عن معالجة الأرقام التي تستقصي عنها.

تستخدم العديد من القصص الاستقصائية تقنيات صحافةَ البيانات للمساعدة في توجيه المقابلات وطلبات الحصول على المعلومات، أو اختيار المواقع التي يجب زيارتها، لأنها تبني صورة أكبر لمشكلة ممنهجة.

هذه الزوايا السبع مفيدة لإثارة الأفكار وللعصف الذهني لفريق التحرير عندما تواجه مجموعة بيانات، إلا أنه لا ينبغي أن تكون الحد الأقصى لخياراتك: أي قصة يمكن أن تستفيد من تقنيات صحافة البيانات.

تم نشر هذه القطعة لأول مرة على الموقع الإلكتروني لمدونة  Online Journalism Blog، وتمّ نشرها هنا بإذن.

يدير بول برادشو كلاً من  ماجستير صحافة البيانات وماجستير الصحافة المتعددة المنصات  وصحافة الجوال  في جامعة برمنغهام سيتي، ويعمل كصحفي بيانات استشاري في وحدة البيانات لدى  بي بي سي إنجلترا.  

إعادة نشر مقالتنا عبر الانترنت أوطباعة تحت رخصة النشاط الابداعي

إعادة نشر هذا المقال


Material from GIJN’s website is generally available for republication under a Creative Commons Attribution-NonCommercial 4.0 International license. Images usually are published under a different license, so we advise you to use alternatives or contact us regarding permission. Here are our full terms for republication. You must credit the author, link to the original story, and name GIJN as the first publisher. For any queries or to send us a courtesy republication note, write to hello@gijn.org.

إقرأ التالي

ورقة نصائح الأمن والأمان نصائح وأدوات

كيف يمكن للصّحفيين أن يعتنوا بأنفسهم عند التّحقيق في الصور القاسية للحرب والصراع

يواجه خبراء المصادر المفتوحة كمًا هائلاً من الصّور القاسية. فكيف يمكن للصّحفيين حماية أنفسهم من الأذى الناجم عن مشاهدة الصّور الصّادمة باستمرار؟
التّحقيقات مفتوحةُ المصدرِ التي كانت في السابق محصورةً بمواقع متخصّصة مثل Bellingcat، دخلت عالم الصحافة السائدة، مدفوعة بالحاجة إلى التحقُّق على الفور من كميات كبيرة من الصور ومقاطع الفيديو والادّعاءات. بات لدى وسائل الإعلام الكبيرة مثل بي بي سي ونيويورك تايمز فرق مخصصة للتّحقيقات البصريّة، وتزايدت أهمية عملها في سياق حرب المعلومات.

العثور على سجلات أمريكية لمتابعة التّحقيقات العابرة للحدود

دليل لبعض مصادر البيانات الحكوميّة الأمريكيّة التي يمكن أن تساعد الصّحفيين الأجانب والأمريكيين في تغطية الحروب الأمريكيّة ومبيعات الأسلحة وتأثير السياسة الخارجيّة الأمريكيّة.

رون ديبرت في الجلسة الافتتاحية #gijc23

الأمن والأمان

أزمة القرصنة العالمية: كيف يمكن للصحفيين الاستقصائيين مواجهتها

تم تحذير أكبر تجمع على الإطلاق من الصحفيين الاستقصائيين من أنهم يواجهون وباء التجسس السيبراني ، ويجب أن يذهبوا إلى الهجوم لفضح الممثلين السيئين الذين يسعون إلى تقويض الأمن الرقمي.

توصّل الموقع الاستقصائيّ الفنزويلي Armando.info إلى أن ميامي ومواقع أخرى في جنوب فلوريدا أصبحت مراكز للشّركات والممتلكات المسجلّة من قبل مسؤولين سابقين رفيعي المستوى في الدّولة الفنزويليّة.

منهجية

كيف تمكن “أرماندوا. إنفو” من كشف أصول سرية لمسؤولين فنزويليين في فلوريدا

عندما شرع فريق في Armando.info في العثور على أفراد مرتبطين بالحكومة الفنزويلية والذين قد يكون لديهم استثمارات سرية – وحتى تصاريح إقامة – في الولايات المتحدة، لم يتخيلوا أبدًا حجم ما سيجدونه بمجرد أن يبدأوا في متابعة الأموال.