16 April 2020: In high density areas like Hillbrow, JHB, it was hard for people to stay indoors so during Level 5 and 4 balconies and rooftops were where people sought relief. Photograph by Madelene Cronjé
كيف يوثّق المصوّرون الصحفيون وباء كوفيد-19 في أنحاء العالم
في مقابلات مع شبكة GIJN وصف لنا ستّة من كبار المصورين الصحفيين من جميع أنحاء العالم النهج الذي يسلكونه فيما يخصّ السلامة والوصول والتحديات التقنية التي تواجههم أثناء تصوير الوباء.
وفي مايو/أيار، كان المصوّر الصحفي ديفيد غولدمان يشاهد الأخبار في حالة من عدم التصديق مع تجاوز أعداد الوفيات الناجمة عن فيروس كورونا نطاق السيطرة في منشأة لرعاية المحاربين القدامى تديرها الدّولة في شمال شرق الولايات المتحدة.
في الحادثة التي أصبحت لاحقًا مأساةً وفضيحة على مستوى وطنيّ، توفّي هناك قرابة المئة شخص منذ بداية الوباء، كلهم من المحاربين القدامى المقيمين في دار رعاية الجنود في هوليوكي – ماساتشوستس ممن قاتلوا في حروب الولايات المتحدة، وبعضهم من مقاتلي الحرب العالمية الثانية، سقطوا ضحيّة للكوفيد-19، ولم يكن في يد عائلاتهم المحجورة ما يمكن فعله سوى سؤال الممرضات عن لحظات أحبائهم الأخيرة.
ووفقًا لتحقيق مستقل نُشرَ لاحقًا، الأمرُ بجمعِ نزلاء الدار المصابين مع النزلاء غير المصابين في نفس الجناح كان واحدًا من الأخطاء الكثيرة التي ارتُكبت في المنشأة وأدّت إلى وقوع الكارثة.
بعد أن رفض إداريو الدار طلب الدّخول والتعاون الذي قدّمه غولدمان -وهو عضو في فريق التصوير لدى أسوشيتد برس- قام غولدمان بتمشيط إعلانات النّعي بحثًا عن إشارات تربط الوفيات بهذه الدّار وبفيروس كورونا، وبحث عن أقاربهم على فيسبوك.
وعندما وجد في نهاية المطاف بعضَ أفراد هذه الأسر التي فقدت أحد أفرادها في الدّار، لم يتمكّن من الذهاب إليهم بسبب قواعد التباعد الاجتماعي.
لذلك اقترح غولدمان عليهم خطة فوتوغرافية لم يجربها من قبل، ولم يكن متأكدًا من أنها ستنجح: سيعرض بطريقة ما صورًا ضخمة لأحبائهم على واجهاتِ منازلِ أسرهم، وسيصوّر هذه الجداريات بينما يقف أفراد العائلة عند النوافذ.
جلبت الخطة مشاكل أخرى. كيف ستضاء وجوه أفراد العائلات؟ كيف يمكن أن يشغل جهاز عرض من الشارع وهو غير قادر حتّى على الدخول إلى بيوت العائلات لوصل الجهاز بالكهرباء؟
وفي مقابلة مع شبكة GIJN اعترف غولدمان بأنه لم يكن لديه أي فكرة عن أيٍّ من هذه الحلول في البداية، وأنه كان قلقاً من أنه قد يعمّق معاناة الأسر المعنيّة. ولكن مشروعه مع اثنتي عشرة عائلة من عائلات المحاربين القدامى المفجوعين خرج في النهاية ليكون صورةً من أصدق صور الوباء في الولايات والتي ستبقى دائمًا في الذاكرة.
وفي جميع أنحاء العالم، كان على المصورين الصحفيين إيجاد استراتيجيات مبتكرة لحماية أبطال صورهم من الإصابة بفيروس كورونا، وتوثيق الوباء أثناء الإغلاق الذي شهده العالم.
كان لصورهم تأثير، ففي إندونيسيا – حيث تمّ التّقليل من شأن الوباء من قِبل حكومة متباطئة – أثار المصوّر الصحفي جوشوا إيرواندي حوارًا عامًّا جديدًا حول مخاطر الوباء المُلحّة مع صورة لجثة أحد ضحايا كوفيد-19 ملفوفة بالكامل من قبل موظفي المستشفى لمنع العدوى. وقد استخدمت الصورة على غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك لعدد شهر أغسطس. حصل هذا المنشور على 347,000 “إعجاب” وأشار إيرواندي على إنستاغرام إلى بطولة طاقم التمريض وقال “فكّرت فقط بأنّ ما حدث لهذا الشخص قد يحدث لأحبابي، قد يحدث لأحبابنا جميعًا”. ونظراً لأن الصورة مثّلت إحساس الوِحدة العميقة المرتبطة بالوباء، فقد جذبت الصورة أيضًا أكثر من مليون إعجاب على حساب ناشونال جيوغرافيك على إنستاغرام في غضون يوم واحد.
https://www.instagram.com/p/CC6x9CHB4KU/?utm_source=ig_embed
العمل مع المراسلين الاستقصائيين
في البيرو، عمل المصوّر المستقل عمر لوكاس مع المراسلين الاستقصائيين في غرفة أخبار IDL – Reporteros العضو في شبكة GIJN، الذين كانوا يسعون لإثبات أن تقارير الحكومة عن وفيات كورونا كانت أقل بكثير من عدد القتلى الحقيقي.
ساعدت صوره على إثبات ما حدث، بعد أن انضمّ لطواقم حرق الجثث الخاصة بينما كانوا يخرجون الجثث من المنازل. كان لوكاس يرتدي معدات الحماية الشخصية، وحرص على إبقاء مسافة أمان من ستة أقدام حوله حتى وهو يتنقّل عبر الأزقّة.
وقال لوكاس، متحدثاً إلى شبكة GIJN بالإسبانية عبر مترجم: “كان هنالك الكثير من التحدّيّات، لكن التحدّي الرئيسي كان أن أتخلّى عن خوفي وأن أتمكّن من الدخول إلى الأماكن التي كانت الجثث فيها. لم يكن الأمر سهلاً، ففي بعض الحالات كان علينا الانتظار بعض الوقت حتى تحينَ اللحظة [المناسبة] لالتقاط الصّور. أثناء مرافقتهم، اضطررت إلى ارتداء نفس البدلة الواقية التي كانوا يرتدونها، وارتداء قناع جيد، واستخدم الكحول من أجل التعقيم بانتظام. واتخذنا القرار التقني بأن نحمل معدّات خفيفة [وأن تكون] جاهزة دائمًا.
وقال ” إن العمل مع الصحفيين الاستقصائيين يتم بطريقة أكثر شمولاً، دون أن يفوتهم أيّ تفصيل”. أعتقد أن الفرق هو أنه يمكنك الوصول برفقتهم إلى أماكن لا تكون مفتوحة دائمًا أمام وسائل الإعلام”.
وقد أمضى لوكاس عدة أسابيع منذ ذلك الحين في توثيق تأثير فيروس كورونا في بعض أفقر الأحياء في العاصمة ليما.
وقال” باستثناء ارتداء القناع من أجل الحماية والحفاظ على مسافة آمنة وحكيمة، فقد قمت بعملي كما أقوم به دائماً – بناء تواصل نفسي ومتعاطِف مع الناس حتى أتمكن من كسب ثقتهم ومن الدخول إلى حياتهم، ولأتمكن من تصويرهم.” “أذهب خفيفًا قدر الإمكان، وأحمل معي الكاميرا وعدسة من عيار 35 مم”.
أمضى عدة أيام في مقبرة بيلاوندي في مقاطعة كوماس، شمال ليما. حصل لوكاس حينها على دعوة من عائلة وأصدقاء ضحية فنزويلية من ضحايا كوفيد-19 لحضور مراسم الدفن.
“قرروا فتح التابوت للتأكد من أن الشخص الموجود في الداخل هو قريبهم، ولكن عندما فتحوه كانت الجثة ملفوفة و… مختومة. اقتربت رفيقة المتوفّى من التابوت وأخذت تبكي، وقد مزّقها الحزن ورفعت عيونها إلى السماء. لقد كانت لحظة مؤلمة حقاً”.
قرر لوكاس إنتاج سلسلة فوتوغرافية عن تأثير فيروس كورونا على الفنزويليين المقيمين في البيرو.
ويقول “لقد تأثروا بشكل عميق. يعمل 80 فى المائة منهم بشكل غير رسمى قبل الكورونا، وأدّى الحجر الصحي الذي أمرت به الحكومة إلى تركهم بدون دخل يومي لإعاشتهم، وبالتالي لم تتمكن الغالبية العظمى من دفع الإيجار وتم إخلاؤهم. الكثيرون منهم يعودون الآن إلى بلدهم سيراً على الأقدام”.
وثّق حياة 34 فنزويلياً في أحد المآوي في ليما. والتقط لحظات مؤثّرة في الشارع، مثل امرأتين بيروفيتين أدركتا المحنة التي تعاني منها أمٌّ فنزويليّة شابّة هي “مارييلا ديل بايي” التي تمّ تسريحها من عملها في مركز تسوق محلي بعد إغلاق المحلات بسبب فيروس كورونا. قادت المرأتان مارييلا إلى كنيسة سانتا روسا في وسط مدينة ليما، حيث التقط لوكاس صورة النساء وهن يستخدمن بطانية لالتقاط الطعام الذي رمته راهبة من نافذة من الطابق الثاني.
التصوير من البيت
وفي باريس، قرر توماس دورزاك – وهو مصور حرب سابق، والفائز بجائزة وورلد برس فوتو – التخلي تمامًا عن تصوير الجائحة بشكلٍ حضوريّ بعد بضعة أيام عقيمة أمضاها في محاولة تصوير الأزمة الجارية من على متن دراجته.
بعد أن رأى أنّه معرَّضٌ لخطر المرض أو انتقال العدوى ، قرّر التقاط لقطات شاشة (سكرين شوت) وصور لاجتماعات مغلقة أجريت على منصة الفيديو Zoom حول العالم من خلال كمبيوتره المحمول – وفي بعض الأحيان كان يطلب من ممرضة أو مقدِّم رعاية أن يوجّه جهاز الكمبيوتر المحمول في اتجاه واحد وأن يتركه مفتوحًا لساعات.
وفكّر دورزاك: إذا كان بإمكان الصحفيين الاستقصائيين جمْعُ المعلومات المهمة عبر الهاتف فلماذا لا يمكن للمصور العثور على طريقة لجمع صور قويّة عبر الكمبيوتر؟
يقول: “في وقت مبكر جداً من الأزمة، قررت أن أحول نظرتي إلى الداخل. فكرت، لأن الجميع محجورون، فهنالك عالم جديد ينفتح أمامنا، وهذا الانفتاح يجري على Zoom. كانت تلك هي المرة الأولى التي لا أتمكن فيها من الذهاب [إلى المكان] ليس لأن الناس لا يريدون أن يسمحوا لي بالدخول أو لأن الشرطة اعترضت طريقي، بل لا يمكنني أن أذهب لأنني قد أعّرض النّاس للخطر. طبعًا الصور المُلتَقَطة عبر Zoom ليست جيّدة بصرياً؛ إنها قليلة الأبعاد إلى حدٍّ ما. ولكن يمكن لهذه الصور أن تكون ملْفتة جداً “.
دورزاك – وهو الرئيس السابق لـ Magnum Photos – يقول انه حضر قرابة الألف اجتماع على زوم خلال هذا الوباء. لم ينشر مشروعه بعد. ولكن خلال حفل تأبين لجورج فلويد أقيم على الإنترنت (الرجل الأميركي من أصل أفريقي الذي تمّ تصوير مقتله على يد ضابط شرطة في مينيسوتا) لاحظ دورزاك أن هنالك نيران في أحد المربعات الصغيرة على الشاشة. وعندما قام بتكبير الصورة، أدرك أن هنالك “مُقتَحِم لمكالمة الزوم” قد دخل إلى حفل التأبين بصورٍ عنصرية لعملية إحراق صليب قامت بها جماعة الكو كلوكس كلان، والتقط رد فعل المشيّعين، قبل أن يُطرد المُقتَحم من الاجتماع.
وجد دورزاك اجتماعات مفتوحة عبر البحث على تويتر، أو دعوات محمية للانضمام إلى الاجتماعات الخاصة. وفي بعض الأحيان كان يحظى بتعاون المسؤولين في مؤسسات في دول مثل نيوزيلندا والغابون وفرنسا لترك كاميرات حواسيبهم مفتوحة لساعات.
يقول: “لقد صورت صلاةً مذهلة في الغابون الليلة الماضية – كانت جميلة. وصوّرت صلاة أخرى في دار للمسنين في فرنسا. كنت أجري مكالمة زوم مع المرأة التي تدير المكان، وكنت أطلب منها أن تضع حاسوبها المحمول في وسط غرفة المعيشة التي يتناولون فيها عشاءهم وأن تتركه مفتوحًا لساعات. وأحياناً كانت تحرّك الجهاز في الأنحاء. كان هذا الشكل من التصوير يعطيني انطباعًا عن الجو العام، لم يكن تصويرًا صحفيًا عميقًا ولكنني أحب تلك الطريقة السينمائية في النظر إلى الحياة بينما تمضي”.
كان دورزاك يضغط بكل بساطة على أزرار Command-Shift-3 على لوحة مفاتيح حاسوبه الأبل لالتقاط لحظات مؤثرة، أو لقطات تصوّر الحياة اليومية أثناء الحجر.
حتى أن دورزاك لجأ إلى ألعاب الفيديو لالتقاط الشخصيات من المحتجين المطالبين بالديمقراطية في هونغ كونغ داخل لعبة “Animal Crossing” التفاعلية التي أنتجتها شركة ناينتندو.
حيث أخذ شخصية واحد من الحيوانات الافتراضية في اللعبة واستعان بمترجم. قال دورزاك أنه كلاعب مبتدئ كان يصدم شخصيته في اللعبة بالأشجار والمباني، ولكن الناشطين الذين تمثّلهم الحيوانات الافتراضية الأخرى تقبّلوه في نهاية المطاف. التقط دورزاك لقطات لرمزية الاحتجاج ليضمنّها في سلسته التي لم تُنشر بعد.
يقول: “التقيت بزعيمٍ من زعماء احتجاجات هونغ كونغ، حيث كنا نحن الاثنين دببة. كان هذا أغرب شيء قمت به في حياتي. لكنهم أظهروا حركة احتجاجهم داخل اللعبة. حصلت على صور للدببة وهم يقطّعون صورًا لسياسيين صينيين. انها في الواقع [منصة] مهمة وقد قامت الحكومة الصينية بحظرها”.
تصوير العنف وتفشي كوفيد-19
في جنوب أفريقيا، يستخدم المصور جيمس أوتواي بشكل أساسي النهج الذي يتبعه مصوروّ الحروب في تغطية العنف المرتبط بالوباء، وغالباً ما يرتدي دروعاً واقية وشارة “PRESS” بارزة، ويتخذ قرارات تكتيكية يومياً.
صوّر أوتواي وحشيّةَ الشرطة وقوات الأمن خلال الإغلاق في مقالات مصورة مثل هذا لـ New Frame، مما ساعد على إثبات أن الشرطة كانت تنفذ عمليات الإخلاء على الرغم من وقف الحكومة للإخلاءات خلال إغلاق كوفيد-19.
يقول أوتواي: “أسلوبي مرن. قد نعتبره نهجًا يختلط فيه التخطيط للأخبار وللوثائقيات. أتابع أحيانًا معلومات سرية تلقّيتها، وأحياناً أعمل مع المنظمات غير الحكومية، وأحياناً أذهب في دوريات وأتجوّل وأراقب، وأحيانًا ما تعثر على بعض رجال الشرطة وهم يطلقون الرصاص المطاطي على الناس. كنت أرتدي سترةً واقية من الرصاص عليها كلمة “PRESS” لأنني أردت أن يكون التعرّف على هويتي كصحفيّ أمرًا سهلاً، ولم نكن نعرف مدى صرامة رجال الشرطة. وهذا ما ضيّق على الشرطة وصعّب عليهم مضايقتي. كما ساعدني القليل من الحظ والقليل من التحضير مع المصادر”
الانغماس مع المجتمع
وجدت المصورة مادلين كرونجي، التي تعمل أيضًا في جوهانسبرغ، أن الإغلاق أجبرها على التفكير بشكل مختلف بالأشخاص الذين تصوّرهم، كما دفعها على إعادة النظر بأخلاقيات تقديم المساعدة الإنسانية بصفتها صحفية.
وتقول كرونجي، وهي مصوّرة محترفة لدى New Frame، إنّ تغطية الوباء بدأت مع شيء من الارتباك بالنسبة للعديد من المصورين في جنوب أفريقيا -بل وحتى الصحفيين أنفسهم- مع الشرطة، حيث لم يكن من الواضح إن كان المصورون والصحفيون مصنّفين كعمّال أساسيين، مما يعفيهم من قيود السفر وحظر التجول.
وتقول: “خلال حالة الإغلاق من المستوى الخامس [مستوى الحجر الصحي الأكثر صرامة الذي شهدته جنوب أفريقيا]، كانت وحشية الشرطة في أسوأ حالاتها، حيث فرضت عمليات الإخلاء وحظر التجول تلك. كان من الصعب على الكثير من الناس اتّباع القواعد في البداية، وكانت الشرطة تستهدف المناطق ذات الكثافة السكّانيّة العالية، وكانوا يتعاملون مع الناس معاملةً سيئة حقاً. وقعت حوادث ضرب ووفيات”.
وتقول كرونجي إن التفكير في تجربتها الشخصية في الحجر الصحي المنزلي ساعدها على صياغة استراتيجيات لالتقاط الكيفية التي كان بها المواطنون الآخرين يتأقلمون.
وتقول: “مثل هذه الأمور تجبرك على التفكير بالصّور بشكلٍ مختلف – لقد أُجبِرنا على النظر من خلال النوافذ والأبواب، والتفكير في ما يأتي مع العزلة. سألنا: هل يجب أن نصور؟ كان من المهم أن نُظهِر ما يجري، ولكننا لم نُرِد أيضاً أن نعرّض الناس للخطر من خلال الخروج. كنت أتشاجر مع نفسي: لعلّني أحمّل الأمر أكثر مما يحتمل؟ إذا لم أكن أبالغ فهل أتحلّى بالمسؤولية؟ أم أنني أتكاسل؟”.
وقد أدركت كرونجي، التي تعيش في عمارة سكنيّة في جوهانسبرغ، أنّ أطفال عاملات المنازل في المبنى كانوا محاصرين فعلياً بسبب الإغلاق ليعيشوا نهاراتهم في فناء اسمنتيّ صغير. وهكذا وثّقت كيف أُجبر هؤلاء الأطفال الذين يعيشون في مساكن الخدم – غير قادرين على الذهاب إلى المدرسة، أو العودة إلى بيوت أسرهم – على اللعب والاختلاط والقيام بواجباتهم المنزلية على ذلك الشريط الاسمنتي القاحل لعدة أشهر.
ولاحقًا أثناء عملها في مهمة رسمية لتغطية برنامج خاص بالكوفيد لنقل الأشخاص المشردين، اكتشفتْ الإهمال والفقر المدقع والضعف الشديد للفيروس في مشروع مختلف قريب.
قالت: “صادفت مخيماً طارئاً للوباء يسكنه المشردون في مكان يسمى ويمبلي – وهو جيّد حقاً، فيه خيام ومرافق جديدة للجيش – ولكن على الجانب الآخر من الحقل نفسه، كان هناك مكان مؤقت آخر [يسمى مأوى ويمر] أقامته مدينة جوهانسبرغ قبل ثلاث سنوات، للأشخاص الذين طردوا من المباني المستملكة. كان هذا المكان مهجوراً وفظيعاً، لا تتوفر في المرافق الصحية أو الخدمات، كان هنالك مجموعة من الناس ينامون في الخارج. هنالك الكثير من الإجرام. في الأغلب كان المهاجرون مهملين هناك. لم يكن لدى أي منهم هناك أي مطهر أو أقنعة، ولم يأت أحد لتقديم أي مساعدة”.
اتصلت كرونجي بمنظِّم للأعمال الخيرية، اتصل بدوره ببعض المانحين للحصول على المساعدة. وقد وفّر هؤلاء المانحون 400 بطانية وغذاء بقيمة تقارب 3000 دولار لمن يعيشون في مخيم “ويمر” المهجور.
بعدها وضعت كرونجي كاميرتها جانبًا، وبدأت في خدمة السكان في مطبخٍ خيري، واستمرت في ذلك مرتين في الأسبوع لمدة أربعة أسابيع تقريبًا.
تقول: “من المفترض أن تكون صحفيًا ومحايدًا، لكن لم يكن لدى هؤلاء الناس أيّ شيء، فالشتاء قادم، وهنالك أطفال. لقد أدرنا المطبخ الخيري لفترة من الوقت، ولكنني رأيت بعدها أنّنا تدخّلنا أكثر مما يجب.”
الصور التي يمكن أن تمحوَ الصّورَ النمطيّة
في واشنطن العاصمة، ركزت مصورة وكالة أسوشيتد برس جاكلين مارتن على كيفية تأثير كوفيد-19 في المجتمعات الحضرية متعددة الأعراق.
عملت مارتن متّبعةً المبادئ التوجيهية لغرفة الأخبار لتجنّب التصوير داخل البيوت، وعدّلت نهجها، فقامت مثلاً بتصوير حاخام وهو يؤدّي صلاةً افتراضيّة من خلال أبواب مزدوجة مفتوحة.
ولكن في مواجهة الأسئلة اليوميّة عن السلامة من العدوى، استقرّت على “زي” للمهام الميدانية، وطقوس السلامة عند العودة إلى المنزل.
تقول مارتن: “كنت أرتدي قناعاً وقفازات في كل الأوقات التي كنت أذهب فيها لإنجاز مهمات العمل. وضعتُ نظامًا بعد كلّ مهمة: مطهر اليدين، ومسح الكاميرات والكمبيوتر بالكحول، والاستحمام حال العودة إلى المنزل، وغسل ملابسي على الفور. كان التحوّل صعبًا حيث لم أعد قادرة على احتضان ابني الصغير عندما أعود إلى المنزل قبل أن أستحمّ وأبدّل ملابسي. إذا ذهبت إلى مهمة في مكان مزدحمة كنت أرتدي قناع N95 بدلاً من القناع الجراحي وكنت أضيف إلى لباسي واقي العيون. كنا محظوظين لأن وكالة أسوشيتد برس كانت داعمة حقاً”.
من بين الآثار القوية للصور الصحفية التي التقطتها مارتن كان مجابهة بعض الأفكار النمطية العرقية التي ظهرت خلال الوباء، بما في ذلك الاعتقاد الخاطئ بأنّ الملونين كانوا أكثر عرضة لفيروس كورونا لأنهم لا يتخذون الخطوات اللازمة لحماية أنفسهم من العدوى. قالت مارتن: “هذا ليس ما رأيته”.
وفي بدايات هذا الوباء – قبل أن توصي السلطات حتى بارتداء الأقنعة – التقطت مارتن صورة مهمة لصبيٍّ أمريكيّ من أصلٍ أفريقي يبلغ من العمر 12 عامًا يقف في طابور في مركز للتبرّع بالطعام في جنوب شرق واشنطن، وهو يرتدي بدلة الموادّ الخطرة الخاصة بوالدته.
تقول مارتن: “لم تظهر بعدُ الإحصاءات حول ارتفاع نسب الوفيات في مجتمعات السود، ولكن يمكنك أن ترى تصاعُد قلق الناس كلّ لحظة. صورة “سير” قويّة لأنّه صغيرٌ جداً، ولأنه كان الشخص الوحيد الذي يرتدي هذا المستوى من معدّات الحماية. لم تسمح له أمه بمغادرة المنزل دون أن يكون محمياً تماماً. أشعر أن هذه الصورة كانت مقدمةً للألم الذي كان المجتمع الأسود على أعتابه. -لقد فتح الوباء أعيننا على أوجه عدم المساواة في بلدنا، وعلى هذا النحو، فإن تغطيتها أمرٌ بالغ الأهمية”.
روان فيليب: صحفيٌّ عاملٌ مع الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية. كان المراسل الرئيسي لصحيفة Sunday Times الجنوب إفريقية. عمل كمراسل أجنبيّ وتناول الأخبار والسياسة والفساد والصراعات في أكثر من عشرين بلدًا.