الحصول على تعليق لتحقيقك: نصائح لرسالة الـلا مفاجآت
إقرأ هذه المقال في
ماذا يحدث إذا كنتَ قد جمعتَ كلّ الأدلّة التي تحتاجها لتحقيقك، ثم رفضت الجهة المعنية بتحقيقك الرّدَ على الأسئلة، ولاح في الأفق التّاريخُ الموضوع لإصدار التّحقيق؟ يقول الصّحفيون المخضرمون إن الخطوة الأخيرة في تحقيقك غالبًا ما تكون عصيبةً أكثر من سواها.
إذا كنت على وشك فضح جرائم ارتكبتْها حكومةٌ استبداديّة أو مجموعةٌ عنيفة، فقد تكون خطوتك الأخيرة هي أن تطلب من مصادرك أن يتواروا عن الأنظار، أو أن تخطّط لطرقِ نشرٍ بديلة في حال تمّ إغلاق موقعك الإلكتروني، أو حتى ضمان مغادرة المبلّغين البلاد بأمان.
ولكن بالنّسبة للعديد من التّحقيقات التي تتعامل مع الشّركات، أو المؤسّسات في الغرب، فإن هذه الخطوة الأخيرة هي صياغة وإرسال رسالة “لا مفاجآت”. تضمّ الرّسالة المزاعم الحسّاسة التي تخطّطُ لنشرها على شكل نقاط، وطلب شبه رسميّ لإجراء مقابلةٍ في أقصى موعدٍ ممكن، والموعد النّهائي الذي يجب أن تكون الإجابة جاهزةً عنده.
رسالةُ ProPublica مثالٌ جيدٌ على رسالةٍ متقنة من هذا النّوع، والمعروفة أيضًا باسم رسالة “النّتائج” أو رسالةِ حقِّ الرّدِّ الأخيرة.
إن إعطاء الجهة المعنيّة بتحقيقك فرصةً عادلةً للرّدّ هو، بطبيعة الحال، مبدأٌ أساسيٌّ من مبادئ الصّحافة، رسالةُ “النتائج” بمثابة دعوةٍ رسميةٍ أخيرةٍ لهم ليردّوا.
وبحسب “ويل فيتزغيبون”، المراسل الكبير في الاتّحاد الدّوليّ للصّحفيين الاستقصائيين (ICIJ)،فإن القاعدة الجيّدة عند التعامل مع الجهات غير المتعاوِنة هي أن تثبت أنك حاولت خمس محاولاتٍ جادّة للحصول على تعليق، بما في ذلك المحاولة الأخيرة المتمثّلة برسالة الـ”لا مفاجآت”. ويقول إن إعطاءهم فترة منطقيّة للرّدّ – على الأقل في المجتمعات الديمقراطيّة – ليس مهمًا لهم فحسب، فهذا يعطيك أنت أيضًا الوقت اللازم للمتابعة، وللتّحقُّق من الادّعاءات المضادّة، وربما مراجعة المزاعم الظّالمة.
يقول “فيتزغيبون”، الذي يعمل أيضًا كمنسّقٍ للشّراكات في أفريقيا والشرق الأوسط في المجموعة: “خبرتنا طويلةٌ أنا والاتّحادُ الدّوليّ للصّحفيين الاستقصائيين في إرسال رسائل إلى أقوى الناس وإلى أكبر الشّركات في العالم. لديهم محامون يتقاضون أجورًا عالية ووسائلُ أخرى أكثر قبحًا لإيقاف عملك الصّحفيّ. لحماية نفسك ولتدعيم قصّتك، أنصحك باعتماد قاعدة الـ “لا مفاجآت”.
ويشدّدُ “فيتزغيبون” على أن هذه الرسائل لا ينبغي أن تكشف عن مصدر المعلومات، وأن تثبت فقط أنّها موثوقةُ المصدر. عليك أن تحمي مصادرك بالتّأكيد”.
ويحذّر من أنه بإمكان الأطراف المعنية بالتّحقيق أن يستخدموا أو يستغلّوا معرفتهم المسبقة بالمعلومات الأساسيّة في قصّتك بطرقٍ متنوّعة. ويستذكر قائلًا: “استيقظتُ ذات مرّةٍ لأجدَ قصّةً على الإنترنت تقتبس محتوى رسالةٍ كنتُ قد أرسلتُها مؤخرًا إلى أشخاص مقرّبين من ملك المغرب. كنْ مهذبًا، وكنْ دقيقًا. إذا انتشرتْ رسالةُ حقِّ الردِّ فاحرص على أن تكون الطّرفَ الأكثر مهنيةً في المراسلة”.
يقول “فيتزغيبون” إن توقيت الاتّصال النّهائي يعتمدُ على القصّة وقد يتراوح بين اليوم والشّهر. غير أن فريقه أرسل رسائل النتائج في أكثر التّحقيقات تعقيدًا – بما في ذلك أوراق بنما وتسريبات غرب أفريقيا – قبل النّشر بأربعة أسابيع لإعطاء الجهات المعنيّة بالتّحقيق فترةً معقولةً للردّ على كل نقطة.
العدالة عند التّعامل مع المواضيع الخطرة
ومع ذلك، يجب على الصّحفيين الاستقصائيين العاملين في ظلّ الأنظمة الأكثر قمعًا أو عنفًا أن يتعاملوا مع هذه الخطوة الأخيرة بحذرٍ أكبر. وفي الأماكن التي تستشري فيها الرّقابة الحكوميّة ويتعرّض فيها الصّحفيون ومصادرهم لخطر السجن أو الهجمات، يجب على الصّحفيين توفير وقتٍ ومعلومات أقلّ في هذه الطّلبات النّهائية للتّعليق – وفي بعض الأحيان لا يمكنهم إرسالها على الإطلاق.
تقول “إلين هيوم”، إحدى الشّركاء المؤسِّسين لشركة (International Media Development Advisors)، إنّه يمكن للصّحفيين أن يستخدموا بدائل مبتكرة لتقديم العدالة للأشخاص الذين يُعدُّ التوّاصل معهم خطرًا، مع شرح الحلّ البديل بوضوح لجمهورك.
وتقول: “إذا لم تتمكّن من طلب الرّدّ بشكلٍ آمنٍ قبل النشر، يمكنك على الأقلّ تعزيز عدالة قصّتك ومصداقيتها العامّة من خلال تضمين التّفسير الحميد المُحتمل للطّرف المعنيّ”. “قد تتمكّن من العثور عليه في التّعليقات الرسميّة التي أدلى بها الطرف المعنيّ من قبل، في إفادات المحكمة، وتوجيهات السياسات العامّة، والخطابات العلنيّة”.
يقول “إيلي غوكارت“ – وهو صحفيٌّ مستقلّ يستقصي عن الجماعات اليمينية المتطرّفة والدّول الاستبداديّة في مواقع مثل Mediapart و Bellingcat– إنّه يمكن الموازنة بين هذا الخطر والعدالة من خلال ذكر النّتائج الرّئيسيّة التي توصّلت إليها للمسؤولين في الحكومات الاستبدادية ولكن دون ذكر الأدلّة على تلك النّتائج – واجعل تواصلك في أقرب وقت ممكن لموعد النّشر.
يقول “غوكارت”: “إذا كشفتَ بدقّةٍ عن الأدلّة الموجودة لديك، فقد يكون لديهم الوقت اللازم للعمل على رواية مضادّة، أو ما هو أسوأ من ذلك. عندما تكتب عن نظامٍ استبداديّ أو مجموعة عنيفة، عليك أن تكون حذرًا حيال العواقب غير المتوقّعة للأدلّة التي يمكن أن تعرّض حياة المستضعفين للخطر. الإبقاء على شيءٍ من الغموض لن يسيء لك كصحفي”.
النّقاط التّالية هي مخاطر رسالة التّوضيح، وتكتيكات لتخفيف المخاطر، حسب “غوكارت”:
– يمكن للطّرف المعنيّ بالتحقيق أن يزيل – أو يغيّر – صفحات الويب التي تحتوي على حقائق داعمة لمزاعمك في الأيام السّابقة للموعد النّهائي المحدَّد. يقول “غوكرت” إنه يتعيّن عليك قبل الإعلان عن نتائجك أن تؤرشف أيّ دليلٍ موجودٍ على الإنترنت باستخدام أدوات مثل Hunchly وWayback Machine وPolitwoops و archive.todayالتي يمكنها أن تنسخ وتحافظ على صفحات الويب والخيوط النصّيّة الطّويلة (text threads). ويحذّر قائلًا: “في عالمنا على الإنترنت، العثورُ على الأدلّة سهلٌ، ولكن تدميرها سهلٌ أيضًا. لذا أمِّن دليلك حتى تتمكّن من تقديمه حتى لو تمّ إغلاق الموقع”.
– يمكن أن يحشد الطّرفُ المعنيّ بالتّحقيق الحلفاء في محاولةٍ لتشويه سمعتك قبل النّشر ، ولكن يمكنك استخدام هذا الرّدّ في قصّتك أيضًا. يقول “غوكرت” إنه أرسل رسالة “لا مفاجآت” إلى جمعيّةٍ خيريّةٍ فرنسيّة قبل أيام من إجراء تحقيقٍ عن دعم الجمعيّة الخيريّة لميليشياتٍ مواليةٍ للأسد في سوريا. وقال “بعد أيّامٍ قليلة من إرسالنا قائمة الأسئلة إليهم، حاولوا تلفيق التّهم لنا على وسائل التّواصل الاجتماعيّ بإرسال رسائل خفية مستنجدين بحلفائهم اليمينيين المتطرّفين لنشر الأكاذيب عنّا وتشويه سمعتنا حتى قبل نشر القصّة. لكننا توقّعنا ذلك، وفي الواقع، أماط هذا اللثام عن الكثير، حيث أظهر صلتهم بالشّبكات اليمينيّة المتطرّفة على وسائل التّواصل الاجتماعيّ، مما أثبت ما كنّا على وشك نشره”. ويقول “غوكرت” إن الصّحفيين يمكنهم أيضًا تسليط الضّوء على التّناقضات بين الرّدود الدّعائيّة التي يقدمّها الطرف المعني بالتّحقيق وتصريحاته السابقة حول الموضوع.
– الاكتفاء بطلب “التأكيد أو النفي” في آخر لحظةٍ معقولة مع الحكومات أو الكيانات المعادية علنًا لحقوق الإنسان. ويوضّح “غوكارت”: “على سبيل المثال، قد تضطّر إلى قول شيء على شاكلة: “سيّد بوتين وجدنا أن جهازكم الأمنيّ مسؤولٌ عن تسميم السّيِّد نافالني… إذا أجاب “نييت” (لا باللغة الرّوسيّة)، يمكنك أن تقول: “حسنًا، شكرًا لك يا سيّد بوتين”.
ويقول الخبراء إنه في الوقت الذي ما يزال فيه أثرٌ لـ “قوة القلم” على القادة الاستبداديين، يمكن للصّحفيين أيضًا تذكير الأشخاص بأدب بأن منصّتهم الإعلاميّة تقدم تقارير دوريّة عن أي إجراءات انتقاميّة تُتَّخذ ضدَّ مصادر القصّص الصحفيّة.
التّواصل الأخير
نوقشت التّفاصيل الدقيقة لما ينبغي تضمينه في رسائل “النتائج” في العديد من البلدان من قِبل فريقٍ من الخبراء في شهر تمّوز في IRE21 – المؤتمر السّنوي الذي تستضيفه منظمة الصّحفيون والمحرّرون الاستقصائيون.
وقالت عضو الفريق “أليكس فريدمان”،المديرة العالميّة لقسم الأخلاقيّات لدى تومسون رويترز والحائز على جائزة بوليتزر أثناء عملها مع صحيفة وول ستريت جورنال: “أعتقد أن رسالة الـ “لامفاجآت” أساسيّةٌ لحرفتنا. نريد أن يكون العمل شجاعًا، لكن إن كان العمل شجاعًا وغير مُنصفٍ فإنّه لا يعني الكثير، ويتركك عرضةً للهجوم. في أحسن الأحوال، ستكون متّهمًا بنشر الأخبار المزيّفة. وفي أسوأ الأحوال، ستُرفع عليك دعاوى تدفعك لبيع ثوبك”.
وقالت “فريدمان” إن هنالك فائدةً أخرى لهذه الرّسائل وهي أنّها تمكّنُ الصّحفيين والمحرّرين من النوم بشكلٍ أفضل في الليل، قبل النّشر وبعده.
وقالت “لا أريد أن أعيش حالةً من الهوس والخوف عند الضّغط على زر الإرسال وعند نشر القصة. أريد أن أعرف مقدّمًا إن كان هنالك أيّ مشاكل”.
وقال مدير الجلسة “بريان روزنتال“، وهو مراسلٌ استقصائيٌّ في صحيفة نيويورك تايمز، إن هذا النّوع من المراسلات مرتبطٌ عادةً بالقصص التي تشمل مسؤولين في الشركات الكبرى أو المؤسّسات الغربية، وأن هذه الرسائل ليست إلزاميّة.
وقال “إنّها ممارسةٌ جيّدة بشكلٍ عام، لكن هناك استثناءات والحكومات الاستبدادية يمكن أن تكون بالتأكيد مثالا يحتذى به”.
وشارك مع “فريدمان” في الحوار “تشارلز توبن“، محامٍ مختص بقانون الإعلام يعمل مع شركة Ballard Spahr الأمريكية، و”أليخاندرا كانسينو” الصحفية الاستقصائية المخضرمة المقيمة في شيكاغو زوتعمل مع مجموعة المراقبة Better Government Association.
وقال “توبن” إنّ هذه الرسائل تمثّلُ بالنّسبة لمحامي وسائل الإعلام “تتويجًا” مفيدًا للتّحقيق، حتى عندما يعتقد الصّحفي أنّه ما منْ فرصةٍ للرّدّ.
وأوضح قائلًا: “أنتم تنشئون أيضًا سجلاً للمحامين مثلي للتقاضي على أساسه، وفي الوضع النموذجيّ، فإن هذا السجلّ يعطي مؤشرًا، وهي الفرصة الأخيرة للتّعليق”.
ومع ذلك، حذّر “توبن” الصّحفيين من “التّعليقات السّاخرة” على الطّرف المعنيّ بالتّحقيق في الاتّصالات المكتوبة داخل غرفة الأخبار، بما في ذلك في الرسائل النصّيّة وقنوات Slack، حيث يمكن استخدامها ضدّ الصّحفيين في قضايا التّشهير.
التالية هي نصائحُ المتحدّثين حول طريقة التّعامل مع هذه الرسائل وما يليها:
– لا تخافوا من تكتيك التّأخير المتمثّل بإغراقكم بالوثائق. قال “توبن” إن بعض المعنيين بالتّحقيق يسعون إلى كسب الوقت – أو إعداد ادّعاءات لاحقة بالمظلوميّة – من خلال إرسال جبلٍ من الوثائق عشيّة النّشر ومطالبة المنصّة الإعلاميّة بالنّظر في كل نقطة أو نشرها. وفي إشارة إلى إحدى هذه الحالات، علّق توبن قائلّا: “نظرت إلى [حزمة الوثائق]، ولكي أستخدم مصطلحًا قانونيًا، كانت محض هراء. نظرت فيها ثم وضعتها جانبًا، ومضينا قدمًا”. وأضافت “فريدمان”: “لسنا ملزمين بنشر أي شيء غير ذي صلة”.
– عند صياغة الرّسالة، فكّر بالجهة المعنية بالتّحقيق كمصدر وليس كهدف. قال “توبن”: ” الطّرف المعنيّ بالتحقيق مصدرٌ في نهاية الأمر. أنت لست مدّعيًا عامًا، وقد يكون من المفيد أن تفكّر به بهذه الطّريقة عندما تتواصل معه.
– إذا كنت حقًا بحاجة إلى ردّ، أرسلْ رسالةً ورقيّةً عبر خدمة تسليم البريد. “إرسال الرسائل عبر خدمة فيديكس يلفت نظر النّاس فعلاً لأن النّاس لا يتوقعون ذلك”.
– اكتب أسئلةً مفتوحة. قالت “فريدمان”: “من المهم أن تُصاغ الأسئلة بشكلٍ محايد قدر الإمكان ومُصمَّمة للحصول على إجابات أكثر من نعم أو لا. ما تريده فعليًا هو الستخلاص الإجابات. قلْ: ‘ما فهمناه هو كذا. إذا لم يكن الأمر كذلك، يرجى إخبارنا بحقيقة الأمر، مع إعطاء الأدلّة”.
– لا تخافوا من التهّديدات باتّخاذ إجراءات قانونيّة في مجتمعات الصّحافة الحرّة. “لا تدع الأمر يخيفك. إذا كنت صحفيًا مستقلًا، فقد يكون الوقت مناسبًا للتواصل مع محامٍ. ولكن بخلاف ذلك، يجب على إدارتك استشارة المحامي الدّاخلي، والمضيّ قدمًا. يجب أن يتحدّث المحامون مع المحامين؛ أمّا الصحفيون فعليهم أن يتحدثوا مع النّاس العاديين”.
– استخدم أيّ بحثٍ إضافيّ في رسالتك لتعزيز قصّتك. وقالت “كانسينو” إن عملية إرسال رسالة الـ”لا المفاجآت” قوَّتْ قصصَها بشكلٍ مباشر، حيث أن إعداد الرّسالة يمكن أن يحفّز أفكار جديدة لجمع البيانات. على سبيل المثال، في قصّةٍ عن سكّان مسنّين كانوا يحاصرون في مصاعد مبانٍ سكنيّةٍ عامّو، سعتْ “كانسينو” إلى الحصول على بيانات الاستجابة لحالات الطّوارئ حول هذه القضية – فعزّزتْ تلك البيانات قصّتها المنشورة.
– إذا اقتضى الأمر، اذكر أنك سوف تكشف عن أي فعلٍ انتقاميّ ضدّ المصادر الداخلية في قصص لاحقة. قالت “فريدمان”: “في رويترز، عندما يتمّ الانتقام من مصدرٍ بسبب المعلومات التي قدّمها لنا، نتابع القصّة، ونفضحُ اسمَ المعتدي ونعيّره. أو نتصّل على الأقل بالشّركة أو الجهة ونقول لهم إننا نفضح ونعيّر، وفي كثيرٍ من الأحيان لا يحدث الانتقام”.
– لا تكتفي بإرسال الرسالة. احرص على إرسال الأسئلة في وقتٍ سابق. اتّفقَ المتحدّثون على أنه في حال عدم إرسال طلبات سابقة، قد تبدو هذه الرّسائل التي تصل في آخر لحظةٍ ممكنة و كأنّها كمينٌ إعلاميّ.
– كن واضحًا بشأن الموعد النهائي للردّ. قالت “فريدمان” إنه من المهم أن نكون واضحين بشأن الموعد النهائي للرّدّ والتاريخ المُزمَع للنّشر، وأن نأخذ في الاعتبار فوارق التوقيت. قال “توبن”: “يمكنك أن تقول: “أتطلّع إلى تلقّي ردّك بحلول السّاعة 3 بعد ظهر الغد، وإلا سنمضي قدمّا في النّشر”.
– قيِّم طبيعةَ المخاطر التي قد تتعرّض لها مصادرك إذا كشفتَ عمّا تعرفه. شدّدَت “فريدمان” على أن “المخاطر تختلف في فداحتها. نحن عالميون في رويترز، ولذلك نتعامل مع قضايا تتعلّق بالإيغور، والروهينغا، والتيغريانيين في إثيوبيا، والمتظاهرين المطالبين بالدّيمقراطية في هونغ كونغ. هؤلاء السكان المستضعفون قد يدخلون السجن بسبب ما يقولونه لك. هذا حسابٌ خطرٌ جدًا، ويختلف الأمر عن الشّخص الذي يقول لك أنه قد يطرد من عمله، رغم أن هذا أمرٌ خطرٌ أيضًا.
– لا تساوِ بين الإنكار والكذب، وتجنّب مثل هذه التّوصيفات في رسالتك. قالت “فريدمان” :”عندما تنكرُ الشّركات أشياءِ في المقابلات الموثّقة، سيكون من الخطر افتراض أنهم يكذبون”. وقالت “لقد أوقعنا ذلك في مشاكل في كلّ المؤسسات الإخبارية التي عملت لديها”، لأنه من الممكن أن الأفراد المعنيين لم يكونوا يكذبون، أو لم يكونوا يعرفون.
– وثّق أيّ رد ينطوي على ترهيبِ الصحفي أو مضايقته على أساس النوع الاجتماعي. “سواء كان ذلك تحرّشًا أو مجرّد mansplaining” (أن يشرح رجلٌ لامرأة شيئًا بطريقة تتّسم بالاحتقار أو الاستغباء) فهو من تكتيكات التّرهيب المستخدمة ضد الصّحفيين، وخاصّة إذا لعب جنس الصحفي\ة دورًا في الموضوع. إذا واجهت هذا الموقف، أبلغي مديرك، ووثّقي ما جرى. يمكن استخدام التّوثيق لأيّ شهادة بحق الطرف المعتدي”.
يقول “فيتزغيبون” إن الصّحفيين الذين يعانون الصّعاب من أجل الحصول على أيّ ردّ يمكنهم أن يروا أن كان نفس الأسلوب من شريك إعلامي سيدفع جهةً عنيدةً للتّعليق. وقال “ذات مرّة، تمكنت من التحدُّث إلى شخصيّةٍ سياسيّة في توغو لم تكن تردّ على الصحفيين التوغوليين منذ أسابيع. لقد ردّ على مكالمتي الهاتفيّة لأن رقمي يبدأ بـ 202 رمز واشنطن العاصمة. لقد ظنّ أن المكالمة من سفارة بلاده. لقد استخدمنا هذا الأسلوب مرارًا”.
يمكن للصحفيين أيضًا أن يكونوا مبدعين في رسائل النتائج إذا كانوا بحاجةٍ حقًا إلى مقابلةٍ أو صورةٍ للطرف المعني بالتحقيق في الموعد النّهائي، وكان هذا الشخص “مختبئًا” من وسائل الإعلام. على سبيل المثال، لم تتمكّن صحيفة صنداي تايمز في جنوب أفريقيا من إجراء مقابلةٍ مع مقاولٍ حكوميّ بنى منازل عامّة للفقراء دون المستوى حتّى أن الكثير منها انهار في عاصفةٍ خفيفة، مما تسبّب في وقوع إصاباتٍ خطيرة.
اكتشفَ مفتشُ بناءٍ استأجرتْ خدماتِه الصّحيفة اثنتي عشرةَ مشكلةً كبرى في مواد البناء، ولكنه لاحظ أن الطوب نفسه كان ممتازًا. في رسالة الـ “لا مفاجآت”، قال صحفيُّ صحيفةِ صنداي تايمز للمقاول – مراهنًا على أن المخطئين أيضًا قدْ يحرّكُهم السّخطُ المبرَّر – أن “هناك أسئلة حول جودة الطّوب الذي استخدمتَه”. كان الرجل ساخطًا لدرجة أنه وافق على إجراء المقابلة، بل وافق أيضًا على التقاط صورةٍ له أمام طوبه الجيّد في منزلٍ مُنهار.
روان فيلب صحفيٌّ عاملٌ مع الشبكة العالمية للصحافة الاستقصائية. كان المراسل الرئيسي لصحيفة Sunday Times الجنوب إفريقية. عمل كمراسل أجنبيّ وتناول الأخبار والسياسة والفساد والصراعات في أكثر من عشرين بلدًا.